اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 54
97- والحوادث إنما تبقى بكثرة أسبابها: فمخالطة الناس، ورؤية المستحسنات، والتعرض بالملذوذات، يقوي حوادث الحس.
والعزلة والفكر، والنظر في العلم، يقوي حوادث الآخرة.
ويبين هذا: بأن الإنسان إذا خرج يمشي في الأسواق، ويبصر زينة الدنيا، ثم دخل إلى المقابر، فتفكر، ورق قلبه، فإنه يحس بين الحالتين فرقًا بينًا، وسبب ذلك التعرض بأسباب الحوادث.
98- فعليك بالعزلة، والذكر، والنظر في العلم، فإن العزلة حمية، والفكر والعلم أدوية، والدواء مع التخليط لا ينفع، وقد تمكنت منك أخلاط! المخالطة للخلق والتخليط[2] في الأفعال، فليس لك دواء إلا ما وصفت لك.
فأما إذا خالطت الخلق، وتعرضت للشهوات، ثم رمت[3] صلاح القلب، رمت الممتنع.
1 أخلاط: أدواء وأمراض. [2] التخليط: فعل الحسن والقبيح، وعدم التمييز بينهما. [3] رمت: قصدت.
23- فصل: النفس لا تصبر على الحصر.
99- تأملت حرص النفس على ما منعت منه، فرأيت حرصها يزيد على قدر قوة المنع.
ورأيت في السرب[1] الأول: أن آدم عليه السلام لما نهي عن الشجرة، حرص عليها مع كثرة الأشجار المغنية عنها.
وفي الأمثال: المرء حريص على ما منع، وتوافق إلى ما لم ينل، ويقال: لو أمر الناس بالجوع، لصبروا، ولو نهوا عن تفتيت البعر؛ لرغبوا فيه، وقالوا: ما نهينا عنه إلا لشيء. وقد قيل:
......................أَحَبُّ شَيْءٍ إِلَى الإِنْسَانِ مَا مُنِعَا [1] السرب: يقصد المؤلف به القرن أو الجيل من الناس.
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 54