اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 50
شَجَرِ الجَنَّةِ"[1].
86- وقد أخذ بعض الجهلة بظواهر أحاديث النعيم، فقال: إن الموتى يأكلون في القبور وينكحون، والصواب من ذلك: أن النفس تخرج بعد الموت إلى نعيم أو عذاب، وأنها تجد ذلك إلى يوم القيامة، فإذا كانت القيامة، أعيدت إلى الجسد، ليتكمل لها التنعم بالوسائط.
87- وقوله: "فِي حَوَاصِلِ طَيْرٍ خُضْرٍ" دليل على أن النفوس لا تنال لذة إلا بواسطة، إن كانت[2] تلك اللذة لذة مطعم أو مشرب، فأما لذات المعارف والعلوم، فيجوز أن تنالها بذاتها مع عدم الوسائط.
88- والمقصود من هذا المذكور أني رأيت بعض الانزاعاج من الموت، وملاحظة النفس بعين العدم عنده، فقلت لها: إن كنت مصدقة الشريعة، صار الكلام في بيان صحة الشريعة، فقالت: لا ريب عندي. قلت: فاجتهدي في تصحيح الإيمان، وتحقيق التقوى، وأبشري حينئذ بالراحة من ساعة الموت، فإني لا أخاف عليك إلا من التقصير في العمل. واعلمي أن تفاوت النعيم بمقدار درجات الفضائل، فارتفعي بأجنحة الجد إلى أعلى أبراجها، واحذري من قانص[3] هوى، أو شرك غزة[4]، والله الموفق. [1] رواه النسائي "2073"، والترمذي "1641" عن كعب بن مالك رضي الله عنه. [2] في الأصل: إلا أن. [3] القانص: الصياد. [4] الغرة: الغفلة.
21 فصل: تكليف البدن وتكليف العقل.
89- قلت يومًا في مجلسي: لو أن الجبال حملت ما حملت، لعجزت؛ فلما عدت إلى منزلي، قالت لي النفس: كيف قلت هذا، وربما أوهم الناس أن بك بلاء، وأنت في عافية في نفسك وأهلك؟! وهل الذي حملت إلا التكليف الذي يحمله الخلق كلهم؟! فما وجه هذه الشكوى؟!
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 50