اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 497
ولما أريد نقض هذا البدن الذي لا يصلح للبقاء، نحيت عنه النفس الشريفة، وبني بناءً يقبل الدوام[1].
1665- وبعد هذا، فقل للمعترض: {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظ} [الحج: 15] .
قل له: إن اعترض، لم يمنع ذلك جريان القدر، وإن سلم، جرى القدر؛ فلأن يجري وهو مأجور خير من أن يجري وهو مأزور.
1666- وما أحسن سكوت وضاح اليمن[2] لما اختبأ في صندوق، فقال السلطان: أيها الصندوق! إن كان فيك ما نظن، فقد محونا أثرك، وإن لم يكن؛ فليس بدفن خشب من جناح؛ فلو أنه صاح، ما انتفع بشيء، ولربما أخرج فقتل أقبح قتلة. [1] في الآخرة. [2] عبد الرحمن بن إسماعيل الخولاني، شاعر، رقيق الغزل، عجيب النسيب، جميل الطلعة، قدم مكة حاجًّا في خلافة الوليد بن عبد الملك، فرأى أم البنين زوجة الوليد، فتغزل بها، فقتله الوليد قيل: كان قد اختبأ في صندوق فدفن الوليد الصندوق، وكان ذلك سنة "90هـ".
372- فصل: من تلمح أحوال الدنيا علم أن مراد الحق اجتنابها
1667- من تلمح أحوال الدنيا، علم أن مراد الحق سبحانه اجتنابها؛ فمن مال إلى مباحها ليلتذ؛ وجد مع كل فرحة ترحة[1]، وإلى جانب كل راحة تعبًا، وآخر كل لذة نغصًا يزيد عليها، وما رفع شيء من الدنيا؛ إلا ووضع.
أحب الرسول صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنه، فجاء حديث الإفك، ومال إلى زينب، فجاء: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا} [الأحزاب: 37] .
1668- ثم يكفي أنه إذا حصل محبوبه، فعين العقل ترى فراقه، فيتنغص عنده وجوده، كما قال الشاعر:
أتم الحزن عندي في سرور ... تيقن عنه صاحبه انتقالا
1669- فيعلم العاقل أن مراد الحق بهذا التكدير التنفير عن الدنيا، فيبقى أخذ [1] الترح: الحزن.
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 497