responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 490
فالله الله أن يغلبك هواك العاجل، ومتى هم الهوى بالتوثب، فامنعه، وزن عاجله بآجله: {وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [البقرة: 269] .

367- فصل: من حيل إبليس
1626- رأيت إبليس قد احتال بفنون الحيل على الخلق، وأمال أكثرهم عن العلم الذي هو مصباح السالك، فتركهم يتخبطون في ظلمات الجهل، وشغلهم بأمور الحس[1]، [فهم يحسنون ما يحسنه الحس] ، ولا يلتفتون إلى مشورة العقل؛ فإذا ضاق بأحدهم عيشه، أو نكب، اعترض فكفر: فمنهم من ينسب ذلك غلى الدهر، ومنهم من يسب الدنيا! وهذا تسفيف[2]؛ لأن الدهر والدنيا لا يفعلان؛ وإنما هو عيب للمقدر. ومنهم من يخرجه الأمر إلى جحد الحكمة، فيقول: أي فائدة في نقص المبنى؟!
1627- وزعم بعضهم أنه لا يتصور عود المنقوض، وأنكروا البعث، ويقولون: ما جاء من ثم أحد! ونسوا أن الوجود ما انتهى بعد، ولو خلفنا[3]؛ لصار الإيمان بالغيب عيانًا، ولا يصلح أن يستدل على الإحياء بالأحياء.
1628- ثم نظر إبليس، فرأى في المسلمين قومًا فيهم فطنة، فأراهم أن الوقوف على ظواهر الشريعة حالة يشاركهم فيها العوام، فحسن لهم علوم الكلام، وصاروا يحتجون بقول بقراط[4] وجالينوس وفيثاغورس[5]!!
وهؤلاء ليسوا بمتشرعين، ولا تبعوا نبينا صلى الله عليه وسلم؛ وإنما قالوا بمقتضى ما سولت لهم أنفسهم.

[1] في الأصل: الحسن، وهو تصحيف.
[2] التسفيف: والإسفاف: السفه والتهافت، وفي الأصل: تسقيف، وهو تصحيف.
[3] أي: بعثنا جيلًا بعد جيل كما هو الموت. وفي الأصل: حلفت.
[4] طبيب يوناني اشتهر بقسمه الذي اعتاد أن يقسمه الأطباء قبل مزاولتهم مهنة الطب. انظر أخباره في: عيون الأنباء "43-61".
[5] فيزيائي يوناني عاش في القرن السادس قبل الميلاد.
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 490
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست