responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 477
وائل[1]، وعبس وذبيان ابني بغيض[2]، والأوس والخزرج ابني قيلة[3]. قال الجاحظ[4]: تعدت هذه الحرب أربعين عامًا.
والسبب في هذا أن كل واحد من الأقارب يكره أن يفوقه قريبه، فيقع التحاسد.
1575- فينبغي لمن فضل على أقاربه أن يتواضع لها، ويرفعهم جهده، ويرفق بهم؛ لعله يسلم. قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لي أقارب أصلهم فيقطعوني؟ فقال: "فكأنما تسفهم المل، ولن يزال معك من الله ظهير ما دمت على ذلك" [5].

[1] تعرف بحرب البسوس وهي ناقة مشؤومة هاجت بسببها الحرب بين بكر وتغلب؛ فضرب بها المثل فقيل: أشأم من البسوس.
[2] وقعت بسب سباق بين فرسين هما داحس والغبراء.
[3] وهي حروب كثيرة أولها يوم سمير وآخرها بعاث كان قبل الهجرة بخمس سنوات.
[4] عمر بن بحر بن محبوب الكناني الليثي "163-255هـ" أبو عثمان، كبير أئمة الأدب وأشهرهم، صاحب التصانيف البديعة الذائعة الصيت، مولده ووفاته بالبصرة.
[5] رواه مسلم "2558" عن أبي هريرة رضي الله عنه، "المل": الرماد الحار.
357- فصل: المؤمن العاقل لا يلتفت إلى حاسده
1576- رأيت كلاب الصيد، إذا مرت بكلاب المحلة، نبحتها هذه، وبالغت، وأسرعت خلفها، وكأنها تراها مكرمة مجللة، فتحسدها على ذلك! ورأيت كلاب الصيد حينئذ لا تلتفت إليها، ولا تعيرها الطرف[1]، ولا تعد نباحها شيئًا! فرأيت أن كلاب الصيد كأنها ليست من جنس تلك الكلاب؛ لأن تلك غليظة البدن، كثيفة الأعضاء، لا أمانة لها، وهذه لطيفة، دقيقة الخلقة، ومعها آداب قد ناسبت خلقتها اللطيفة، وأنها تحبس الصيد على مالكها خوفًا من عقابه، أو مراعاة لشكر نعمته عليها.
فرأيت أن الأدب وحسن العشرة يتبع لطافة البدن، وصفاء الروح، وهكذا المؤمن العاقل، لا يلتفت إلى حاسده، ولا يعده شيئًا؛ إذ هو في واد، وذاك في واد، وذاك يحسده على الدنيا، وهذا همته الآخرة، فيا بعد ما بين الواديين!

[1] لا يعيرها الطرف: لا يهتم بها.
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 477
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست