اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 474
فالجواب: من وجهين:
أحدهما: أن يحمل على من مات مُصِرًّا، ولم يتب؛ فإن التوبة تجب ما قبلها.
والثاني: أنه على إطلاقه، وهو الذي أختاره أنا، وأستدل بالنقل والمعنى: أما النقل؛ فإنه لما نزلت هذه الآية، قال أبو بكر: يا رسول الله! أو نجازى بكل ما نعمل؟ فقال: "ألست تمرض؟ ألست تحزن؟ أليس يصيبك اللأواء؟ فذلك ما تجزون به" 1.
وأما المعنى، فإن المؤمن إذا تاب وندم، كان أسفه على ذنبه في كل وقت أقوى من كل عقوبة؛ فالويل لمن عرف مرارة الجزاء الدائم، ثم آثر لذة المعصية لحظة!
1- رواه الترمذي "3039"، وأحمد "1/ 11"، وابن حيان "2910" عن أبي بكر رضي الله عنه.
355- فصل: محاسبة النفس قبل أن تحاسب
1570- تفكرت في نفسي يومًا تفكر محقق، فحاسبتها قبل أن تحاسب، ووزنتها قبل أن توزن، فرأيت اللطف الرباني: فمنذ الطفولة وإلى الآن أرى لطفًا بعد لطف، وسترًا على قبيح، وعفوًا عما يوجب عقوبة، وما أرى لذلك شكرًا إلا باللسان!
1571- ولقد تفكرت في خطايا، لو عوقبت ببعضها؛ لهلكت سريعًا، ولو كشف للناس بعضها، لاستحييت.
ولا يعتقد معتقد عند سماع هذا أنها من كبائر الذنوب، حتى يظن في ما يظن في الفساق؛ بل هي ذنوب قبيحة في حق مثلي، وقعت بتأويلات فاسدة فصرت إذا دعوت، أقول: اللهم! بحمدك وسترك علي اغفر لي!
1572- ثم طالبت نفسي بالشكر على ذلك؛ فما وجدته كما ينبغي. ثم أنا أتقاضى القدر مراداتي، ولا أتقاضى نفسي بصبر على مكروه، ولا بشكر على نعمة.
فأخذت أنوح على تقصيري في شكر المنعم، وكوني أتلذذ بإيراد العلم من غير تحقيق عمل به.
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 474