اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 439
بالمصالح، أو؛ لأن المراد منه الصبر أو الإيمان؛ فإنه لم يحكم عليه بذلك إلا وهو يريد من القلب التسليم، لينظر كيف صبره، أو يريد كثرة اللجأ والدعاء.
1424- فأما من يريد تعجيل الإجابة، ويتذمر إن لم تتعجل، فذاك ضعيف الإيمان، ويرى أن له حقًّا في الإجابة، وكأنه يتقاضى أجرة عمله.
1425- أما سمعت قصة يعقوب عليه السلام، بقي ثمانين سنة في البلاء، ورجاؤه لا يتغير، فلما ضم إلى فقد يوسف فقد بنيامين؛ لم يتغير أمله، وقال: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا} [يوسف: 83] ؟.
1426- وقد كشف هذا المعنى قوله تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة 214] .
ومعلوم أن هذا لا يصدر من الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين إلا بعد طول البلاء، وقرب اليأس من الفرج. ومن هذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لايزال العبد بخير ما لم يستعجل"، قيل له: وما يستعجل؟ قال: "يقول: دعوت فلم يستجب لي".
فإياك إياك أن تستطيل زمان البلاء، وتضجر من كثرة الدعاء؛ فإنك مبتلى بالبلاء، متعبد بالصبر والدعاء، ولا تيأس من روح الله، وإن طال البلاء.
328- فصل: لذات الدنيا في ضمنها أكدار
1427- تفكرت في سبب دخول جهنم؛ فإذا هو المعاصي، فنظرت في المعاصي، فإذا هي حاصلة من طلب اللذات، فنظرت في اللذات، فرأيتها خدعًا ليست بشيء، وفي ضمنها من الأكدار ما يصيرها نغصًا، فتخرج عن كونها لذات. فكيف يتبع العاقل نفسه، ويرضى بجنهم، لأجل هذه الأكدار؟!
1428- فمن اللذات الزنا؛ فإن كان المراد إراقة الماء، فقد يراق في حلال، وإن كان في معشوق، فمراد النفس دوام البقاء مع المعشوق؛ فإذا هي ملكته، فالمملوك مملول، وإن هو قاربه ساعة ثم فارقه، فحسرة الفراق تربو على لذة
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 439