اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 431
الجملة أنموذج ما أعد من الثواب، والمؤذيات أنموذج ما أعد من العقاب، وما خلق شيء يضر؛ إلا وفيه منفعة.
1398- قيل لبعض الأطباء: إن فلانًا يقول: أنا كالعقرب أضر ولا أنفع؟ فقال: ما أقل علمه! إنها لتنفع إذا شق بطنها، ثم شدت على موضع اللسعة، وقد توضع في جوف فخار مسدود الرأس، مطبق الجوانب، ثم يوضع الفخار في تنور؛ فإذا صارت رمادًا، سقي من ذلك الرماد مقدار نصف دانق[1] أو أكثر من به الحصاة، فيفتتها من غير أن يضر بشيء من سائر الأعضاء! وقد تلسع العقرب من به حمى عنيفة فتزول. ولسعت رجلًا مفلوجًا، فزال عنه الفالج[2]. وقد تلقى في الدهن، حتى يجتذب قواها، فيزيل ذلك الدهن الأورام الغليظة. ومثل هذا كثير.
فالجاهل عدو لما جهله، وأكبر الحماقة رد الجاهل على العالم. [1] الدانق: سدس درهم، والدرهم = 3.22غ. [2] الفالج: شلل يصيب أحد شقي البدن، وربما كان في الشقين، فيبطل الإحساس والحركة.
318- فصل: كلما أوغلت الفهوم في معرفة الخالق تاهت في محبته
1399- كلما أوغلت الفهوم في معرفة الخالق، فشاهدت عظمته ولطفه ورفعته؛ تاهت في محبته، فخرجت عن حد الثبوت، وقد كان خلق من الناس غلبت عليهم محبته، فلم يقدروا على مخالطة الخلق، ومنهم من لم يقدر على السكوت عن الذكر، وفيهم من لم ينم إلا غلبة، وفيهم من هام في البراري، وفيهم من احترق في بدنه. فيا حسن مخمورهم ما ألذ سكره! ويا عيش قلقهم ما أحسن وجده!
1400- كان أبو عبيدة الخواص[1] قد غلبه الوجد، فكان يمشي في الأسواق يقول: وا شوقاه إلى من يراني ولا أراه.
1401- وكان فتح بن شخرف[2] يقول: قد طال شوقي إليك، فعجل قدومي عليك. [1] عباد بن عباد، واعظ له أقوال مأثورة. [2] أبو نصر الخراساني المروزي أحد العباد، توفي سنة "273هـ".
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 431