responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 425
فقلت: إن هذه لقدرة عظيمة، يوهب عقل للشخص، ثم تسلب فائدته! وإن هذا لأقوى دليل على قادر قاهر؛ وإلا فكيف يحسن من عاقل ألا يعرف بوجوده وجود من أوجده؟! وكيف ينحت صنمًا بيده ثم يعبده؟!
غير أن الحق سبحانه وتعالى وهب لأقوام من العقل ما يثبت عليهم الحجة، وأعمى قلوبهم كما شاء عن المحجة[1].

[1] المحجة: الطريق المبينة الواضحة.
313- فصل: ليتزود العبد على قدر طول السفر
1383- ما رأيت أكثر أذى للمؤمن من مخالطة من لا يصلح، فإن الطبع يسرق؛ فإن لم يتشبه بهم، ولم يسرق منهم، فتر عن عمله.
فإن رؤية الدنيا تحث على طلبها، وقد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم سترًا على بابه، فهتكه[2]، وقال: " ما لي وللدنيا؟! "، ولبس ثوبًا له طراز، فرماه، وقال: "شغلتني أعلامه"، ولبس خاتمًا، ثم رماه، وقال: "نظرة إليكم، ونظرة إليه". وكذلك رؤية أرباب الدنيا، ودورهم وأحوالهم، خصوصًا لمن له نفس تطلب الرفعة.
1384- وكذا سماع الأغاني، ومخالطة الصوفية، الذين لا نظر لهم اليوم إلا في الرزق الحاصل، لو كان من أي كان، قبلوه، ولا يتورعون أن يأخذوا من ظالم، وليس عندهم خوف كما كان أوائلهم؛ فقد كان سري السقطي يبكي طول الليل، وكان يبالغ في الورع، وهم ليس لهم ورع سري، ولا لهم تعبد الجنيد؛ وإنما ثم أكل ورقص، وبطالة، وسماع أغان من المردان، حتى قال بعض من يعتبر قوله، حضرت مع رجل كبير، يومأ إليه من مشايخ الربط، ومغنيهم أمرد، فقام الشيخ، ونقطه بدينار على خده[3]. وادعاؤهم أن سماع هذه الأشياء يدعو إلى الآخرة؛ فوق الكذب! وليس العجب منهم؛ إنما العجب من جهال ينفقون عليهم[4]، فينفقون عليهم.

[1] المحجة: الطريق المبينة الواضحة.
[2] رواه البخاري "279" عن عائشة رضي الله عنها.
[3] وهبه دينارًا وألصقه على خده كفعل المجان.
[4] يروج عليهم دجلهم.
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 425
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست