اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 396
1301- ثم إن الخجل بعد قبول التوبة لا يرتفع، وما أحسن ما قال الفضيل بن عياض رحمه الله: وا سوأتاه منك، وإن عفوت! فأف والله لمختار الذنوب، ومؤثر لذة لحظة تبقى حسرة، لا تزول عن قلب المؤمن، وإن غفر له.
1302- فالحذر الحذر من كل ما يوجب خجلًا، وهذا أمر قل أن ينظر فيه تائب أو زاهد؛ لأنه يرى أن العفو قد غمر الذنب بالتوبة الصادقة! وما ذكرته يوجب دوام الحذر والخجل.
291- فصل: نعوذ بالله من سوء الفهم
1303- نعوذ بالله من سوء الفهم، وخصوصًا من المتسمين بالعلم، روى أحمد في "مسنده"[1]: أنه تنازع أبو عبد الرحمن السلمي[2] وحبان بن عطية[3]، فقال أبو عبد الرحمن لحبان: قد علمت ما الذي جرَّأ[4] صاحبك -يعني: عليًّا- قال: ما هو؟ قال: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لعل الله اطلع إلى أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم" [5]. وهذا سوء فهم من أبي عبد الرحمن، حين ظن أن عليًّا قاتل وقتل اعتمادًا على أنه قد غفر له!!
وينبغي أن يعلم أن معنى الحديث: لتكن أعمالكم المتقدمة ما كانت، فقد غفرت لكم. فأما غفران ما سيأتي، فلا يتضمنه ذلك. أتراه لو وقع من أهل بدر -وحاشاهم- الشرك -إذ ليسوا بمعصومين-، أما كانوا يؤاخذون به؟! فكذلك المعاصي.
1 "1/ 105". [2] عبد الله بن حبيب بن ربيعة الكوفي، من أولاد الصحابة، ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، قرأ القرآن ومهر فيه، وعرض على عثمان وعلي ابن مسعود رضي الله عنه، وكان ثبتًا، توفي سنة "80هـ"، وقد وقع في الأصل: "أبو عبد الله" والتصويب من المسند. [3] حبان بن عطية السلمي. [4] في الأصل "حدا" وهو تصحيف. [5] رواه البخاري "3081"، ومسلم "2494" عن علي رضي الله عنه. وانظر: الفتح "7/ 305" ففيه توجيه لمعنى الحديث.
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 396