responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 394
1294- وتأمل على الفطناء أحوالهم في ذلك: فالملائكة الذين يسبحون الليل والنهار، لا يفترون، قالوا: ما عبدناك حق عبادتك، والخليل عليه السلام يقول: {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي} [الشعراء: 82] ، وما أدل[1] بتصبره على النار، وتسليمه الولد إلى الذبح.
ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "ما منكم من ينجيه عمله"، قالوا: ولا أنت؟ قال: "ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمته" [2]. وأبو بكر رضي الله عنه يقول: "وهل أنا ومالي إلا لك يا رسول الله؟! " وعمر رضي الله عنه يقول: "لو أن لي طلاع الأرض[3]، لافتديت بها من هول ما أمامي قبل أن أعلم ما الخبر"، وابن مسعود يقول: "ليتني إذا مت لا أبعث"، وعائشة رضي الله عنها تقول: "ليتني كنت نسيًا منسيًا". وهذا شأن جميع العقلاء، فرضي الله عن الجميع.
1295- وقد روي عن قوم من صلحاء بني إسرائيل ما يدل على قلة الأفهام لما شرحته؛ لأنهم نظروا إلى أعمالهم، فأدلوا بها[4].
1296- فمنه حديث العابد الذي تعبد خمسمائة سنة في جزيرة، وأخرج له كل ليلة رمانة، وسأل الله تعالى أن يميته في سجوده، فإذا حشر، قيل له: "ادخل الجنة برحمتي! قال: بل بعملي، فيوزن جميع عمله بنعمة واحدة، فلا يفي، فيقول: يا رب! برحمتك"[5].
1297- وكذلك أهل الغار الذين انطبقت عليهم الصخرة: فإن أحدهم: توسل بعمل كان ينبغي أن يتسحيي من ذكره، وهو أنه عزم على الزنا، ثم خاف العقوبة، فتركه، فليت شعري، بماذا يدل من خاف أن يعاقب على شيء، فتركه تخوف

[1] أدل: مَنَّ.
[2] رواه البخاري "5673"، ومسلم "2816" عن أبي هريرة رضي الله عنه، قلت: كل طاعات ابن آدم هي شكر على نعم الله التي لا تحصى، وهي وإن بلغت ما بلغت لا تفي بحق شكر نعمة واحدة من نعم الله تعالى كنعمة البصر مثلًا، أما الجزاء على الطاعة إن في الدنيا أو في الآخرة فمحض فضل من الله سبحانه وتعالى.
[3] طلاع الأرض: ملؤها.
[4] منّوا بها.
[5] رواه الحاكم "4/ 250" من طريق سليمان بن هرم قال الذهبي: غير معتمد "ضعيف".
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 394
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست