اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 385
283- فصل: التثبت والمشاورة
1265- ما اعتمد أحد أمرًا إذا هم بشيء مثل التثبت؛ فإنه متى عمل بواقعة من غير تأمل للعواقب، كان الغالب عليه الندم، ولهذا أمر بالمشاورة؛ لأن الإنسان بالتثبت يفتكر، فتعرض على نفسه الأحوال، وكأنه شاور، وقد قيل: "خمير الرأي خير من فطيره".
1266- وأشد الناس تفريطًا من عمل مبادرة في واقعة، من غير تثبت ولا استشارة، خصوصًا فيما يوجبه الغضب، فإنه طلب الهلاك أو الندم العظيم.
وكم مَنْ غَضِبَ، فقتل، وضرب، ثم لما سكن غضبه؛ بقي طول دهره في الحزن والبكاء والندم! والغالب في القاتل أنه يقتل، فتفوته الدنيا والآخرة.
واشتغاله بالعلم يدله على الفضائل، ويفرجه في البساتين، فهو يسلم من الشيطان والسلطان والعوام بالعزلة، ولكن، لا يصلح هذا إلا للعالم؛ فإنه إذا اعتزل الجاهل، فاته العلم، فتخبط.
282- فصل: الموفق من طلاب العلم
1264- تأملت حالة تدخل على طلاب العلم توجب الغفلة عن المقصود، وهو حرصهم على الكتابة، خصوصًا المحدثين، فيستغرق ذلك زمانهم عن أن يحفظوا ويفهموا، فيذهب العمر وقد عروا[1] عن العلم إلا اليسير. فمن وفق، جعل معظم الزمان مصروفًا في الإعادة والحفظ، وجعل وقت التعب من التكرار للنسخ، فيحصل له المراد.
والموفق من طلب المهم؛ فإن العمر يعجز عن تحصيل الكل، وجمهور العلوم الفقه، وفي الناس من حصل له العلم، وغفل عن العمل بمقتضاه، وكأنه ما حصل شيئًا، نعوذ بالله من الخذلان. [1] عروا: تجردوا.
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 385