اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 382
فاستطابوا الكسل والدعة، ولم يأنفوا من تناول الصدقة، ولا التعرض للسؤال، وقد كان لكل نبي معاش، ولجميع الصحابة، وخلفوا أموالًا كثيرة، فافهم هذا الأصل، ولا تلتفت إلى كلام الجهال.
278- فصل: زهاد زماننا أهل رياء ونفاق
1253- رأيت في زهاد زماننا من الكبر، وحفظ الناموس، ورتبة الجاه في قلوب العامة ما كدت أقطع به على أنهم أهل رياء ونفاق! فترى أحدهم يلبس الثوب الذي يرى بعين الزهد، ويأكل أطايب الطعام، ويتكبر على أبناء الجنس، ويصادق الأغنياء، ويباعد الفقراء، ويحب الخطاب بمولانا، والمشي بجانبه، ويضيع الزمان في الهذيان، ويتقوت بخدمة الناس له والتسليم عليه.
ولو أنه لبس ثوبًا يخلطه بالفقهاء؛ لذهب الجاه، ولم يبق له متعلق! ولو أن أفعاله ناسبت ثيابه لهان الأمر، لكنهم بهرجوا على من لا يخفى أمرهم عليه من الخلق، فكيف الخالق سبحانه وتعالى؟!
279- فصل: على المؤمن أن يصون نفسه
1254- كثيرًا ما أعيد هذا المعنى الذي أنا ذاكره في هذا الكتاب بعبارات شتى: ينبغي للمؤمن أن يتشاغل بمعاشه، ويرفق في نفقته، فإنه قد كان للعلماء شيء من بيت المال، ورفق من الإخوان، ومعونة من العوام، فانقطع الكل، وبقي المتشاغل بالعلم أو التعبد مسكينًا، خصوصًا ذو[1] العائلة.
1255- وما رأينا مثل هذا الزمان القبيح؛ فما بقي من يومأُ إليه بمعونةٍ، ولا باستقراض، فيحتاج الإنسان المؤمن أن يدخل في مداخل لا تليق به، وأن يتعرض بما لا يصلح.
فينبغي تقليل العائلة، وتقويت القوت[2]، وترقيع الخلق. وإن أمكن معاش، [1] كذا في الأصل، والصواب "ذا". [2] تقويت القوت: حفظه، وعدم تضييعه.
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 382