responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 370
وأهون ما عليه تضييع الأوقات في الحديث الفارغ، فما يرجع المريد عن ذلك الوطن؛ إلا وقد اكتسب ظلمة في القلب، وشتاتًا في العزم، وغفلة عن ذكر الآخرة، فيعود مريض القلب، يتعب في معالجته أيامًا كثيرة، حتى يعود إلى ما كان فيه، وربما لم يعد؛ لأن المريد فيه ضعف؛ فإذا رأى شيخًا قد جرب وعرف، ثم يؤثر البطالة، لم يأمن أن يتبعه الطبع.
1215- فالأولى للمريد اليوم ألا يزور إلا المقابر، ولا يفاوض إلا الكتب، التي قد حوت محاسن القوم، وليستعن بالله تعالى على التوفيق لمراضيه، فإنه إن أراده؛ هيأه لما يرضيه.

266- فصل: صفات أولياء الله
1216- تأملت الذين يختارهم الحق -عز وجل- لولايته والقرب منه؛ فقد سمعنا أوصفاهم، ومن نظنه منهم ممن رأيناه؛ فوجدته سبحانه لا يختار إلا شخصًا كامل الصورة، لا عيب في صورته، ولا نقص في خلقته، فتراه حسن الوجه، معتدل القامة، سليمًا من آفة في بدنه، ثم يكون كاملًا في باطنه، سخيًّا، جوادًا، عاقلًا، غير خب[1]، ولا خادع، ولا حقود، ولا حسود، ولا فيه عيب من عيوب الباطن؛ فذاك الذي يربيه من صغره.
فتراه في الطفولة معتزلًا عن الصبيان، كأنه في الصبا شيخ، ينبو[2] عن الرذائل، ويفزع من النقائص، ثم لا تزال شجرة همته تنمو، حتى يرى ثمرها متهدلًا على أغصان الشباب، فهو حريص على العلم منكمش على العمل، محافظ للزمان، مراع للأوقات، ساع في طلب الفضائل، خائف من النقائص.
ولو رأيت التوفيق والإلهام الرباني كيف يأخذ بيده إن عثر، ويمنعه من الخطإ إن هم، ويستخدمه في الفضائل، ويستر عمله عنه حتى لا يراه منه[3].

[1] خِب: مخادع.
[2] ينبو: يتجافى.
[3] يعني المؤلفُ نفسَه في هذه الخاطرة.
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 370
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست