responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 368
264- فصل: نصائح لأهل العلم وطلابه
1209- هيهات أن يجتمع الهم مع التلبس بأمور الدنيا! خصوصًا الشاب الفقير، الذي قد ألف الفقر؛ فإنه إذا تزوج، وليس له شيء من الدنيا، اهتم بالكسب، أو بالطلب من الناس، فتشتت همته، وجاءه الأولاد، فزاد الأمر عليه، ولا يزال يرخص لنفسه فيما يحصل إلى أن يتلبس بالحرام.
ومن يفكر، فهمته ما يأكل، وما يأكله أهله، وما ترضى به الزوجة من النفقة والكسوة، وليس له ذلك، فأي قلب يحضر له؟! وأي هم يجتمع؟!
هيهات! والله، لا يجتمع الهم، والعين تنظر إلى الناس، والسمع يسمع حديثهم، واللسان يخاطبهم، والقلب متوزع في تحصيل ما لا بد منه.
1210- فإن قال قائل: فكيف أصنع؟! قلت: إن وجدت ما يكفيك من الدنيا، أو معيشة تكفك، فاقنع بها، وانفرد في خلوة عن الخلق مهما قدرت. وإن تزوجت، فبفقيرة تقنع باليسير، وتصبر أنت على صورتها وفقرها، ولا تترك نفسك تطمح إلى من تحتاج إلى فضل نفقته؛ فإن رزقت امرأة صالحة جمعت همك، [فذاك] ، وإن لم تقدر، فمعالجة الصبر أصلح لك من المخاطرة، وإياك والمستحسنات، فإن صاحبهن -إذا سلمح كعابد صنم، وإذا حصل بيدك شيء، فانفق بعضه، فبحفظ الباقي تحفظ شتات قلبك.
1211- واحذر كل الحذر من هذا الزمان وأهله، فما بقي مواس، ولا مؤثر، ولا من يهتم لسد خلةٍ[1] ولا من لو سئل أعطى؛ إلا أن يعطي نزرًا بتضجرٍ ومنةٍ، يستعبد بها المعطى بقية العمر، ويستثقله كلما رآه، أو يستدعي بها خدمته له، والتردد إليه.
1212- وإنما كان في الزمان الماضي مثل أبي عمرو بن نُجَيْدٍ[2]، سمع أبا

[1] الخلة: الحاجة.
[2] إسماعيل بن نجيد بن أحمد السلمي النيسابوري: أحد العباد الزهاد ومسند خراسان "272-365هـ".
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 368
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست