responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 355
251- فصل: السلف تشاغلوا بالقرآن والعلم
1167- من تأمل بعين الفكر دوام البقاء في الجنة، في صفاء بلا كدر، ولذات بلا انقطاع، وبلوغ كل مطلوب للنفس، والزيادة مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، من غير تغيير ولا زوال، إذ لا يقال: ألف ألف سنةٍ، ولا مائة ألف ألف، بل ولو أن الإنسان عد الألوف ألوف السنين لانقضى عدده، وكان له نهاية، وبقاء الآخرة لا نفاد له، إلا أنه لا يحصل ذلك إلا بنقد هذا العمر.
1168- وما مقدار عمر غايته مائة سنةٍ، منها خمسة عشر صبوة وجهل، وثلاثون بعد السبعين -إن حصلت- ضعف وعجز، والتوسط نصفه نوم، وبعضه زمان أكل وشرب وكسب، والمنتخل منه للعبادات يسير؟! أفلا يشترى ذلك الدائم بهذا القليل؟!
1169- إن الإعراض عن الشروع في هذا البيع والشراء لغبن فاحش في الغفل، وخلل في الغيمان بالوعد؛ فإن من يدري كيف يعقد البيع بالعلم، هو الذي يدل على الطريق، ويعرف ما يصلح لها، ويحذر من قطاعها[1].
1170- ولقد دخل إبليس على طائفة من المتزهدين بآفات، أعظمها أنه صرفهم عن العلم، فكأنه شرع في إطفاء المصباح ليسرق في الظلمة، حتى إنه أخذ قومًا من كبار العلماء، فسلك بهم من ذلك ما ينهى عنه العلم.
1171- فرأيت أبا حامد الطوسي يحكي عن نفسه في بعض مصنفاته، قال: شاورت متبوعًا مقدمًا من الصوفية في المواظبة على تلاوة القرآن؟ فمنعني منه! وقال: السبيل أن تقطع علائقك من الدنيا بالكلية، بحيث لا يلتفت قلبك إلى أهل وولد ومال وعلم، بل تصير إلى حالة يستوي عندك وجود ذلك وعدمه، ثم تخلو بنفسك في زاوية، فتقتصر من العبادة على الفرائض والرواتب، وتجلس فارغ القلب،

[1] في الأصل: فظاعتها، وهي تصحيف.
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 355
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست