responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 341
ويا أيها المنزعج لذكر الموت! تلمح ما بعد مرارة الشربة[1] من العافية؛ فإنه من ساعة خروج الروح، لا بل قبل خروجها، تنكشف المنازل لأصحابها، فيهون سير المجذوب للذة المنتقل إليه. "ثم الأرواح في حواصل طير تعلق في أشجار الجنة". فكل الآفات والمخافات في نهار الأجل، وقد اصفرت شمس العمر، فالبدار البدار قبل الغروب! ولا معين يرافق على تلك الطريق إلا الفكر إذا جلس مع العقل، فتذاكرا العواقب؛ فإذا فرغ ذلك المجلس، فالنظر في سير المجدين، فإنه يعود مستجلبًا للفكر منها شتى الفضائل، والتوفيق من وراء ذلك، ومتى أرادك لشيء هيأك له.
1112- فأما مخالطة الذين ليس عندهم خبر، إلا من العاجلة، فهو من أكبر أسباب مرض الفهم، وعلل العقل، والعزلة عن الشر حمية، والحمية سبب العافية.

[1] دواء مسهل كالخروع ونحوه، وما زال هذا الحرف مستعملًا عند أهل الشام.
240- فصل: الإعراض عن الله سبب الهموم والغموم
1113- رأيت سبب الهموم والغموم: الإعراض عن الله عز وجل، والإقبال على الدنيا. وكلما فات منها شيء، وقع الغم لفواته.
1114- فأما من رزق معرفة الله تعالى، استراح؛ لأنه يستغني بالرضا بالقضاء، فمهما قدر له، رضي، وإن دعا فلم ير أثر الإجابة، لم يختلج في قلبه اعتراض؛ لأنه مملوك مدبر، فتكون همته في خدمة الخالق.
1115- ومن هذه صفته، لا يؤثر جمع مال، ولا مخالطة الخلق، ولا الالتذاذ بالشهوات:
لأنه إما أن يكون مقصرًا في المعرفة، فهو مقبل على التعبد المحض، يزهد في الفاني لينال الباقي.
وإما أن يكون له ذوق في المعرفة؛ فإنه مشغول عن الكل بصاحب الكل، فتراه متأدبًا في الخلوة به، مستأنسًا بمناجاته، مستوحشًا من مخالطة خلقه، راضيًا بما
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 341
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست