responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 332
بالزهد، ومقصودهم الدنيا! ورأى جمهورهم أن القولب تميل إلى الأغاني، فأحضروا المطربين من القراء، وأنشدوا أشعار الغزل، وتركوا الاشتغال بالحديث، ولم يلتفتوا إلى نهي العوام عن الربا والزنا، وأمرهم بأداء الواجبات! وصار متكلمهم يقطع المجلس بذكر ليلى والمجنون، والطور وموسى، وأبي يزيد والحلاج، والهذيان الذي لا محصول له!
1079- وانفراد أقوام بالتزهد والانقطاع، فامتنعوا عن عيادة المرضى والمشي بين الناس، وأظهروا التخاشع، ووضعوا كتبًا للرياضات والتقلل من الطعام، وصارت الشريعة عندهم كلام أبي يزيد والشبلي والمتصوفة! ومعلوم أن من سبر[1] الشريعة، لم ير فيها من ذاك شيئًا.
1080- وأما الأمراء، فجروا مع العادات، وسموا ما يفعلونه من القتل والقطع سياسات، لم يعلموا فيها بمقتضى الشريعة! وتبع الأخير في ذلك المتقدم، فأين الشريعة المحمدية؟! ومن أين تعرف مع الإعراض عن المنقولات؟! نسأل الله -عز وجل- التوفيق للقيام بالشريعة، والإعانة على رد البدع! إنه قادر.

[1] سبر الشريعة: علم بواطنها وأسرارها.
235- فصل: لا مرحبًا بسرور عاد بالضرر
1081- كنت أسمع علي بن الحسين[1] الواعظ يقول على المنبر: والله، لقد بكيت البارحة من يد نفسي[2]. فبقيت أنا أتفكر وأقول: أي شيء قد فعلت نفس هذا حتى يبكي؟! هذا رجل متنعم، له الجواري التركيات، وقد بلغني أنه تزوج في السر بجملة من النساء، ولا يطعم إلا الغاية من الدجاج والحلوى، وله الدخل الكثير، والمال الوافر، والجاه العريض، والأفضال على الناس، وقد حصل طرفًا من العلم، واستعبد كثيرًا من العلماء بمعروفه، وراحته دائمة الندى، فما الذي يبكيه؟!

[1] علي بن الحسين الغزنوي، أبو الحسن، واعظ، مليح الإيراد، بنت له زوجة الخليفة رباطًا، وصار له جاه عظيم، حيث كان السلطان والأمراء يزورونه، توفي سنة "551هـ".
[2] بما كسبت يدي.
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 332
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست