اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 314
فأما من لا يبالي أن يرى سكران، ولا يهمه إن شهر بين الناس، ولا يؤلمه ذكر الناس له بالسوء، فذاك في عداد البهائم، وهذا الذي يريد أن يتبع النفس هواها، لا يلتذ، إلا ألا يخاف عنتًا[1]ولا لومًا، ولا يكون له عرض يحذر عليه، فهو بهيمة في مسلاخ إنسان؛ وإلا فأي عيش لمن شرب الخمر، وأخذ عقيب ذلك، وضرب، وشاع في الناس ما قد فعل به؟! أما يفي ذلك باللذة؟! لا، بل يربو ذلك، وضرب، وشاع في الناس ما قد فعل به؟! أما يفي ذلك باللذة؟! لا، بل يربو عليها أضعافًا. وأي عيش لمن ساكن الكسل: إذا رأى أقرانه قد برزوا في العلم وهو جاهل، أو استغنوا بالتجارة وهو فقير؟! فهل يبقى للالتذاذ بالكسل والراحة معنى؟! ولو تفكر الزاني في الأحدوثة عنه، أو تصور أخذ الحد منه، لكف الكف، غير أنه يرى لذة حاضرة كأنها لمع برق، ويا شؤم ما أعقبت من طول الأسى!
هذا كله في العاجل، فأما الآجل، فمنغصة العذاب دائمة، {وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا} [الشورى: 18] .
نسأل الله أنفة من الرذائل، وهمة في طلب الفضائل، إنه قريب مجيب. [1] العنت: المشقة والإثم.
221- فصل: قد تبغت العقوبات، وقد يؤخرها الحلم.
1008- قد تبغت العقوبات، وقد يؤخرها الحلم. والعاقل من إذا فعل خطيئة، بادرها بالتوبة. فكم مغرور بإمهال العصاة لم يمهل!
1009- وأسرع المعاصي عقوبة ما خلا عن لذة تنسي النهى[1]، فتكون تلك الخطيئة كالمعاندة والمبارزة؛ فإن كانت توجب اعتراضًا على الخالق، أو منازعة له في عظمته: فتلك التي لا تتلافى، خصوصًا إن وقعت من عارف بالله، فإنه يندر إهماله.
1010- قال عبد المجيد بن عبد العزيز[2]: كان عندنا بخراسان رجل كتب مصحفًا في ثلاثة أيام، فلقيه رجل، فقال: في كم كتب هذا؟ فأومأ بالسبابة [1] النهى: جمع نهية: العقل. [2] ابن أبي رواد، العالم القدوة، شيخ الحرم، توفي سنة "206هـ".
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 314