اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 262
الواحد لايكون في مكانين في حالة واحدة، ومثل هذه الأشياء لا تحتاج إلى دليل.
819- وألهم العرب النطق بالصواب من غير لحن، فهم يفرقون بين المرفوع والمنصوب بأمارات في جبلتهم[1]، وإن عجزوا عن النطق بالعلة[2].
820- قال عثمان بن جني[3]: سألت يومًا أبا عبد الله محمد بن عساف العقيلي[4] فقلت له: كيف تقول: "ضربت أخوك"؟ فقال: أقول: "ضربت أخاك". فأدرته على الرفع؛ فأبى، وقال: لا أقول "أخوك" أبدًا! قلت: فكيف تقول: "ضربني أخوك"؟ فرفع، فقلت: أليس زعمت أنك لا تقول "أخوك" أبدًا. فقال: إيش هذا؟! اختلفت جهتا الكلام! وهذا أدل شيء على تأملهم مواقع الكلام، وإعطائهم إياه في كل موضع حقه، وأنه ليس استرسالًا ولا ترخيمًا.
821- قال عثمان: واللغة هي أصوات، يعبر بها كل قوم عن أغراضهم، والنحو انتحاء سمت كلام العرب في تصرفه، من إعراب وغيره، كالتثنية، والجمع، والتحقير[5]، والتكسير، وغير ذلك، ليلحق من ليس من أهل اللغة أهلها. [1] الجبلة: الخلقة والفطرة. [2] العلة: السب. [3] أبو الفتح، عثمان بن جني الموصلي من كبار أصحاب أبي علي الفارسي من أئمة العربية "330-392هـ". انظر الخصائص "1/ 250". [4] الجوثي التميمي، تميم جوثة. أعرابي من بني عقيل ممن كان يلتقيهم ابن جني ويأخذ عنهم اللغة. [5] التحقير: التصغير.
177- فصل مفيد: العاقل ينظر في العواقب، والغافل لا يرى إلا الحاضر
822- تدبرت أحوال الأخبار والأشرار، فرأيت سبب صلاح الأخيار النظر، وسبب فساد الأشرار إهمال النظر. وذاك أن العاقل ينظر، فيعلم أنه لا بد [للمصنوع] من صانع، وأن طاعته لازمة، ويتأمل معجزات رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيسلم قيادة إلى الشرع، ثم ينظر فيما يقربه إليه، ويزلفه لديه؛ فإذا شق عليه إعادة العلم، تأمل ثمرته، فسهل ذلك. وإذا صعب عليه قيام الليل، فكذلك، وإذا رأى مشتهًى، تأمل
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 262