responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 252
أتقن أني لا أصل إليه؛ لأنني أحب نيل كل العلوم على اختلاف فنونها، وأريد استقصاء كل فن! هذا أمر يعجز العمر عن بعضه؛ فإن عرض لي ذو همة في فن قد بلغ منتهاه، رأيته ناقصًا في غيره، فلا أعد همته تامة، مثل المحدث فاته الفقه، والفقيه فاته علم الحديث، فلا أرى الرضا بنقصان العلوم إلا حادثًا عن نقص الهمة. والفقيه فاته علم الحديث، فلا أرى الرضا بنقصان العلوم إلا حادثًا عن نقص الهمة.
780- ثم إني أروم نهاية العمل بالعلم، فأتوق إلى ورع بشر، وزهادة معروف! وهذا مع مطالعة التصانيف، وإفادة الخلق، ومعاشرتهم - بعيد.
781- ثم إني أروم الغنى عن الخلق، وأستشرف الإفضال عليهم! والاشتغال بالعلم مانع من الكسب، وقبول المنن مما تأباه الهمة العالية.
782- ثم إني أتوق إلى طلب الأولاد، كما أتوق إلى تحقيق التصانيف، ليبقى الخلفان نائبين عني بعد التلف! وفي طلب ذلك ما فيه من شغل القلب المحب للتفرد.
783- ثم إني أروم الاستمتاع بالمستحسنات! وفي ذلك امتناع من جهة قلة المال، ثم لو حصل، فرق جمع الهمة. وكذلك أطلب لبدني ما يصلحه من المطاعم والمشارب؛ فإنه متعود للترفه والتلطف! وفي قلة المال مانع، وكل ذلك جمع بين أضداد[1].
784- فأين أنا وما وصفته من حال من كانت غاية همته الدنيا، وأنا لا أحب أن يخدش حصول شيء من الدنيا وجه ديني بسبب، ولا أن يؤثر في علمي، ولا في عملي؟!
784- فأين أنا وما وصفته من حال من كانت غاية همته الدنيا، وأنا لا أحب أن يخدش حصول شيء من الدنيا وجه ديني بسبب، ولا أن يؤثر في علمي، ولا في عملي؟!
فوا قلقي من طلب قيام الليل، وتحقيق الورع، مع إعادة العلم، وشغل القلب بالتصانيف، وتحصيل ما يلائم البدن من المطاعم!.
ووا أسفي على ما يفوتني من المناجاة في الخلوة، مع ملاقاة الناس وتغليبهم!

[1] قال الموفق عبد اللطيف في تأليف له: كان ابن الجوزي يراعي حفظ صحته، وتلطيف مزاجه وما يفيد عقله قوة، وذهنه حدة، جل غذائه الفراريج والزرازير، ويعتاض عن الفاكهة بالأشربة والمعجونات، ولباسه أفضل لباس: الأبيض الناعم المطيب..، ولا ينفك عن جارية حسناء.
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 252
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست