اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 228
قصته للناس، ورفع قدره بترك ما ترك. فتأملت خبيئة الأمر، فإذا هي مخالفة للهوى المكروه.
فقلت: وا عجبًا! لو وافق هواه، من كان يكون؟! ولما خالفه، لقد صار أمرًا عظيمًا، تضرب الأمثال بصبره، ويفتخر على الخلق باجتهاده، وكل ذلك قد كان بصير ساعة، فيا له عزًّا وفخرًا [أن تملك نفسك[1]] ساعة الصبر عن المحبوب [وهو قريب] 2!
وبالعكس منه حالة آدم في موافقته هواه، لقد عادت نقيصة في حقه أبدًا، لولا التدارك: {فَتَابَ عَلَيْهِ} [البقرة: 37] !
فلتلمحوا -رحمكم الله- عاقبة الصبر ونهاية الهوى! فالعاقل من ميز بين الأمرين، الحلوين والمرين، فإن عدل ميزانه، ولم تمل به كفة الهوى، رأى كل الأرباح في الصبر، وكل الخسران في موافقة النفس، وكفى بهذا موعظة في مخالفة الهوى لأهل النهى، والله الموفق. [1] في الأصل: يقاوم كل لحظة من ذكره أمثال، والمثبت من نسخة في حاشية "أ".
2 زيادة من "ط".
155- فصل: الرقائق والنظر في سير الصالحين.
702- رأيت الاشتغال بالفقه وسماع الحديث لا يكاد يكفي في صلاح القلب؛ إلا أن يمزج بالرقائق، والنظر في سير السلف الصالحين.
فأما مجرد العلم بالحلال والحرام، فليس له كبير عمل في رقة القلب؛ وإنما ترق القلوب بذكر رقائق الأحديث، وأخبار السلف الصالحين؛ لأنهم تناولا مقصود النقل، وخرجوا عن صور الأفعال المأمور بها إلى ذوق معانيها والمراد بها. وما أخبرتك بهذا إلا بعد معالجة وذوق، لأني وجدت جمهور المحدثين وطلاب الحديث همة أحدهم في الحديث العالي، وتكثير الأجزاء، وجمهور الفقهاء في علوم الجدل، وما يغالب به الخصم. وكيف يرق القلب مع هذه الأشياء؟!
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 228