responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 206
بالشباب والصحة، فإن أقل من يموت الأشياخ، وأكثر من يموت الشبان، ولهذا يندر من يكبر، وقد أنشدوا.
يُعَمَّرُ وَاحِدٌ فَيَغُرُّ قَوْمًا ... وَيُنْسَي مَنْ يَمُوْتُ مِنَ الشَّبَابِ
631- ومن الاغترار طول الأمل، وما من آفة أعظم منه، فإنه لولا طول الأمل، ما وقع إهمال أصلًا، وإنما تقدم المعاصي، وتؤخر التوبة، لطول الأمل، وتبادر الشهوات، وتنسى الإنابة، لطول الأمل.
632- وإن لم تستطع قصر الأمل، فاعمل عمل قصير الأمل: ولا تنس حتى تنظر فيما مضى من يومك، فإن رأيت زلة، فامحها بتوبة، أو خرقًا، فارقعه باستغفار. وإذا أصبحت، فتأمل ما مضى في ليلك. وإياك والتسويف، فإنه أكبر جنود إبليس.
وخذ لك منك على مهلةٍ ... ومقبل عيشك لم يدبرِ
وخف هجمةً لا تقيل العثَار ... وتطوي الورود على المصدرِ
ومثل لنفسك أي الرعيل ... يضمك في حلْبة المحشر
ثم صور لنفسك قصر العمر، وكثرة الأشغال، وقوة الندم على التفريط عند الموت، وطول الحسرة على البدار بعد الفوات. وصور ثواب الكاملين وأنت ناقص، والمجتهدين وأنت متكاسل.
633- ولا تخل نفسك من موعظة تسمعها، وفكرة تحادثها بها، فإن النفس كالفرس المتشيطن[1]: إن أهملت لجامه، لم تأمن أن يرمي بك. وقد والله دنستك أهواؤك، وضيعت عمرك.
فالبدار البدار في الصيانة قبل تلف الباقي بالصبابة[2]، فكم تعرقل في فخ الهوى جناح حازمٍ! وكم وقع في بئر بوار مخمور[3]! ولا حول ولا قوة إلا بالله.

[1] المتشيطن: الجامح والشموس.
[2] الصبابة: العشق والهوى.
[3] المخمور: السكران.
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 206
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست