responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 201
والشر، وزيادة ذلك ونقصانه، فسبحان من أظهر دليل الخلوات على أربابها، حتى إن حبات القلوب تتعلق بأهل الخير، وتنفر من أهل الشر، من غير مطالعة لشيء من أعمال الكل.
613- قال إبليس: أو تترك مرادك لأجل الخلق؟! قلت: لا؛ إنما هذا بعض الثمرات الحاصلة لا عن طريق الغرض، ونحن نرى من يمشي ثلاثين فرسخًا ليقال: ساع، فالمتقي قد نال شرف الذكر -وإن لم يقصد نيل ذلكح مترجحًا له في وزن الجزاء: {سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} [مريم: 96] .
614- قالت النفس: لقد أمرتني بالصبر على العذاب؛ لأن ترك الأغراض عذاب.
قلت: لك عن الغرض عوض، ومن كل متروك بدل، وأنت في مقام مستعبد، ولا يصح للأجير أن يلبس ثبات الراحة في زمان الاستئجار، وكل زمان المتقي نهار صوم، ومن خاف العقاب، ترك المشتهة، ومن رام القرب، استعمل الورع، وللصبر حلاوة تبين في العواقب.

126- فصل: ابتعد عن أسباب الفتنة
615- من نازعته نفسه إلى لذة محرمة، فشغله نظره إليها عن تأمل عواقبها وعقابها، وسمع هتاف العقل يناديه: ويحك! لا تفعل! فإنك تقف عن الصعود، وتأخذ في الهبوط، ويقال لك: ابق بما اخترت! فإن شغله هواه، فلم يلتفت إلى ما قيل له، لم يزل في نزول، وكان مثله في سوء اختياره كالمثل المضروب: أن الكلب قال للأسد: يا سيد السباع! غير اسمي؛ فإنه قبيح، فقال له: أنت خائن، لا يصلح لك غير هذا الاسم، قال: فجربني، فأعطاه شقة لحم، وقال: احفظ لي هذه إلى غد، وأنا أغير اسمك. فجاع، وجعل ينظر إلى اللحم، ويصبر، فلما غلبته نفسه، قال: وأي شيء باسمي؟! وما كلب إلا اسم حسن. فأكل! وهكذا الخسيس الهمة، القنوع بأقل المنازل، المختار عاجل الهوى على آجل الفضائل.

اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 201
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست