responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 199
على التفصيل، كالروح مثلًا؛ فإنا نعلم وجودها في الجملة، فأما حقيقتها، فلا، فإذا جهلنا حقائقها، كنا لصفات الحق أجهل، فوجب الوقوف مع السمعيات، مع نفي ما لا يليق بالحق؛ لأن الخوض يزيد الخائض تخبيطًا، ولا يفيده تحصيلًا، بل يوجب عليه نفي ما يثبت بالسمع من غير تحقيق أمر عقلي، فلا وجه للسلامة إلا طريق السلف والسلام.
606- وكذلك أقول: إن إثبات الإله بظواهر الآيات والسنن ألزم للعوام من تحديثهم بالتنزيه، وإن كان التنزيه لازمًا، وقد كان ابن عقيل يقول: الأصلح لاعتقاد العوام[1] ظواهر الآي والسنن؛ لأنهم يأنسون بالإثبات، فمتى محونا ذلك من قلوبهم؛ زالت السياسات والحشمة، وتهافت العوام في الشبهة أحب إلى من إغراقهم في التنزيه؛ لأن التشبيه يغمسهم في الإثبات، فيطمعون ويخافون[2] شيئًا قد أنسوا إلى ما يخاف مثله ويرجى، والتنزيه يرمي بهم إلى النفي، ولا طمع ولا مخافة من النفي.
ومن تدبر الشريعة، رآها غامسة لمكلفين في التشبيه بالألفاظ، التي يعطي ظاهرها سواه، كقول الأعرابي: أو يضحك رَبُّنا؟ قال: "نَعَمْ"؛ فلم يكفهر من هذا

[1] جاء الإسلام للخواص والعوام بخطاب واحد، وما يسع العوام يسع الخواص.
[2] في الأصل: فيطمعوا ويخافوا.
124- فصل: البلاء على العارف
607- أعظم البلايا أن: يعطيك همة عالية، ويمنعك من العمل بمقضتاها، فيكون من تأثير همتك الأنفة من قبول إرفاق الخلق[1]، استثقالًا لحمل مننهم، ثم يبتليك بالفقر، فتأخذ منهم! ويلطف مزاجك، لا تقبل من المأكولات ما سهل إحضاره، فتحتاج إلى فضل نفقة، ثم يقلل رزقك! ويعلق همتك بالمستحسنات، ويقطع بالفقر السبيل إليهن! ويريك العلوم في مقام معشوق، ويضعف بدنك عن

[1] عونهم ومساعدتهم.
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 199
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست