اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 195
نيل رضاه، ولم بلغتم نهاية الأماني من أغراض الدنيا، مع إعراضه عنكم، كانت سلامتكم هلاكًا، وعافيتكم مرضا، وصحتكم سقمًا، والأمر بآخره، والعاقل من تلمح العواقب. وصابروا رحمكم الله تعالى هجير البلاء، فما أسرع زواله! والله الموفق، إذ لا حول إلا به، ولا قوة إلا بفضله.
123- فصل: للباطل جولة وللحق صولة
591- قدم إلى بغداد جماعة من أهل البدع الأعاجم، فارتقوا منابر التذكير للعوام، فكان معظم مجالسهم أنهم يقولون: ليس لله في الأرض كلام! وهل المصحف إلا ورق وعفص[1] وزاج[2]؟! وإن الله ليس في السماء! وإن الجارية التي قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "أين الله؟ "[3]: كانت خرساء، فأشارت إلى السماء، أي: ليس هو من الأصنام التي تعبد في الأرض! ثم يقولون: أين الحروفية الذين يزعمون أن القرآن حرف وصوت؟! هذا عبارة جبريل!!
فما زالوا كذلك، حتى هان تعظيم القرآن في صدور أكثر العوام، وصار أحدهم يسمع فيقول: هذا هو الصحيح؛ وإلا، فالقرآن شيء يجيء به جبريل في كيس!
فشكا إلى جماعة من أهل السنة، فقلت لهم: اصبروا، فلا بد للشبهات أن ترفع رأسها في بعض الأوقات، وإن كانت مدموغة[4]، وللباطل جولة، وللحق صولة، والدجالون كثير، ولا يخلو بلد ممن يضرب البهرج[5] على مثل سكة السلطان. [1] العفص: نوع من شجر البلوط، يتخذ منه صبغ وحبر. [2] الزاج: أحد أملاح الكبريت، يستعمل في خلطة حبر الكتابة، ويسمى الشب اليماني. [3] عن معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجارية: "أين الله؟ " قالت: في السماء، قال:"من أنا"؟ قالت: أنت رسول الله، قال: "أعتقها فإنها مؤمنة". رواه مسلم "537" وهذا نص في أن الجارية لم تكن خرساء. [4] مكسورة: لا حجة لها. [5] البهرج: الزائف إما ينقص وزنه أو نقص عياره أو بهما جميعًا، وهي تشبه ما يضربه السلطان من دنانير ودراهم صحيحة.
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 195