responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 187
ويهلك أعداؤه، وهذا الخليل عليه السلام يلقى في النار، ثم بعد قليل يخرج إلى السلامة، وهذا الذبيح[1] يضطجع مستسلمًا، ثم يسلم، ويبقى المدح، وهذا يعقوب عليه السلام يذهب بصره بالفراق، ثم يعود بالوصول. وهذا الكليم[2] عليه السلام يشتغل بالرعي، ثم يرقى إلى التكليم، وهذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يقال له بالأمس: اليتيم، ويقلب في عجائب يلاقيها من الأعداء تارة، ومن مكايد الفقر أخرى، وهو أثبت من جبل حراء، ثم لما تم له مراده من الفتح، وبلغ الغرض من أكبر الملوك وأهل الأرض، نزل به ضيف النقلة، فقال: "واكرباه"[3].
فمن تلمح بحر الدنيا، وعلم كيف تتلقى الأمواج، وكيف يصبر على مدافعة الأيام، لم يستهون نزول بلاء، ولم يفرح بعاجل رخاء.

[1] الذبيح: إسماعيل عليه السلام على الصحيح خلافًا لما ذهب إليه المؤلف في الفصل "293" من أنه إسحاق عليه السلام.
[2] الكليم: موسى عليه السلام.
[3] بل قال: "وا رأساه" كما في حديث عائشة رضي الله عنها، رواه ابن إسحاق ومن طريقه ابن ماجه "1465" والحاكم "3/ 56"، وغيرهما وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
118- فصل: عليكم من العمل بما تطيقون
560- ينبغي للعاقل ألا يقدم على العزائم حتى يزن نفسه: هل يطيقها؟ ويجرب نفسه في ركوب بعضها سرًّا من الخلق، فإنه لا يأمن أن يرى في حالة لا يصبر عليها، ثم يعود فيفتضح!
مثاله: رجل سمع بذكر الزهاد، فرمى ثيابه الجميلة، ولبس الدون، وانفرد في زاوية، وغلب على قلبه ذكر الموت والآخرة؛ فلم يلبث متقاضي الطبع[1] أن ألح بما جرت به العادة، فمن القوم من عاد بمرة إلى أكثر مما كان عليه، كأكل الناقة[2] من مرض، ومنهم من توسط الحال، فبقي كَالمُذَبْذَبِ.

[1] متقاضي الطبع: مقتضى الطبع، وهو قانونه وسننه.
[2] الناقه: المريض الذي برأ للتوِّ.
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 187
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست