اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 186
والآخرة، وكأنه قيل له: ابْقَ بما آثرت! فيبقى أبدًا في التخبيط. فانظروا إخواني إلى المعاصي أثرت وعثرت.
قال أبو الدرداء رضي الله عنه: إن العبد ليخلو بمعصية الله تعالى، فيلقي الله بغضه في قلوب المؤمنين من حيث لا يشعر، فتلمحوا ما سطرته، واعرفوا ما ذكرته، ولا تهملوا خلواتكم، ولا سرائركم، فإن الأعمال بالنية، والجزاء على مقدار الإخلاص.
116- فصل: من عرف جريان الأقدار ثبت لها
558- من عرف جريان الأقدار، ثبت لها[1]، وأجهل الناس بعد هذا من قاواها؛ لأن مراد المقدر الذل له، فإذا قاويت القدر، فنلت مرادك من ذلك؛ لم يبق لك ذل.
مثال هذا: أن يجوع الفقير، فيصبر قدر الطاقة، فإذا عجز، خرج إلى سؤال الخلق، مستحيًا من الله كيف يسألهم، وإن كان له عذر بالحاجة التي ألجأته، غير أنه يرى أنه مغلوب الصبر، فيبقى معتذرًا مستحيًا، وذاك المراد منه.
أو ليس بخروج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة فلا يقدر على العود إليها، حتى يدخل في خفارة[2] المطعم بن عدي وهو كافر [عبرة في ذلك] [3]؟!
فسبحان من ناط[4] الأمور بالأسباب، ليحصل ذل العارف بالحاجة إلى التسبب. [1] صبر على مكروهها. [2] خفارة: جوار وحماية. [3] زيادة يقضيها السياق. [4] ناط: علّق.
117- فصل: الابتلاء لمعرفة الصبر وإظهار الفضل
559- سبحان المتصرف في خلقه بالاغتراب والإذلال ليبلو صبرهم، ويظهر جواهرهم في الابتلاء! هذا آدم عليه السلام تسجد له الملائكة، ثم بعد قليل يخرج من الجنة، وهذا نوح عليه السلام يضرب حتى يغشى عليه، ثم بعد قليل ينجو في السفينة،
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 186