اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 184
التقصير، الممكن دفعه عن النفس، فلو كانت النبوة مثلًا تأتي بكسب؛ لم يجز له أن يقنع بالولاية، أو تصور أن يكون مثلًا خليفة، لم يحسن به أن يقتنع بإمارة، ولو صح له أن يكون ملكًا، لم يرض أن يكون بشرا، والمقصود أن ينتهي بالنفس إلى كمالها الممكن لها في العلم والعمل.
547- وقد علم قصر العمر، وكثرة العلم: فيبتدئ بالقرآن وحفظه، وينظر في تفسيره نظرًا متوسطًا، لا يخفى عليه بذلك منه شيء، وإن صح له قراءة القراءات السبع، وأشياء من النحو، وكتب اللغة، وابتدأ بأصول الحديث من حيث النقل، كالصحاح والمسانيد والسنن، ومن حيث علم الحديث، كمعرفة الضعفاء والأسماء، فلينظر في أصول ذلك، وقد رتبت العلماء من ذلك ما يستغني به الطالب عن التعب.
548- ولينظر في التواريخ، ليعرف ما لا يستغنى عنه، كنسب الرسول صلى الله عليه وسلم وأقاربه به وأزواجه وما جرى له.
549- ثم ليقبل على الفقه، فلينظر في المذهب والخلاف، وليكن اعتماده على مسائل الخلاف، فلينظر في المسألة وما تحتوي عليه، فيطلبه من مظانه، كتفسير آية وحديث وكلمة لغة. ويتشاغل بأصول الفقه وبالفرائض، وليعلم أن الفقه عليه مدار العلو.
550- ويكفيه من النظر في الأصول[1] ما يستدل به على وجود الصانع، فإذا أثبته بالدليل، وعرف ما يجوز عليه مما لا يجوز، وأثبت إرسال الرسل، وعلم وجوب القبول منهم؛ فقد احتوى على المقصود من علم الأصول.
فإن اتسع الزمان للتزيد من العلم، فليكن من الفقه، فإنه الأنفع.
551- ومهما فسح له في المهل، فأمكنه تصنيف في علم، فإنه يخلف بذلك خلفه خلفًا صالحًا. مع اجتهاده في التسبب إلى اتخاذ الولد.
552- ثم يعلم أن الدنيا معبرة، فيلتفت إلى فهم معاملة الله عز وجل، فإن مجموع ما حصله من العلم يدله عليه. فإذا تعرض لتحقيق معرفته، ووقف على باب معاملته، [1] أي: أصول الدين.
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 184