اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 175
قويت همته، رقته إلى أن يختار لنفسه مذهبًا، ولا يتمذهب لأحدٍ، فإن المقلد أعمى، يقود مقلده.
ثم ينبغي أن يطلب الغاية في معرفة الله تعالى ومعاملته.
وفي الجملة، لا يترك فضيلة يمكن تحصيلها إلا حصلها؛ فإن القنوع حال الأرذال.
فكن رجلًا رجله في الثرى ... وهامة همته في الثُّرَيَّا
ولو أمكنك عبور كل أحد من العلماء والزهاد فافعل فإنهم كانوا رجالًا وأنت رجل، وما قعد من قعد إلا لدناءة الهمة وخساستها.
516- واعلم أنك في ميدان سباق، والأوقات تنتهب، ولا تخلد إلى كسل، فما فات من فات إلا بالكسل، ولا نال من نال إلا بالجد والعزم، وإن الهمة لتغلي في القلوب غليان ما في القدور. وقد قال بعض من سلف:
ليس لي مال سوى كرمي ... فبه أحيا من العدم1
قنعت نفسي بما رزقت ... وتمطت في العلا هممي
1 في الأصل: ليس لي مال سوى كرى * فبه امني من العدم. ما أكمل العلم والمال في المؤمن
...
109- فصل: ما أكمل العالم والمال في المؤمن
517- ليس في الدنيا أنفع للعلماء من جمع المال للاستغناء عن الناس؛ فإنها إذا ضم إلى العلم، حيز الكمال.
518- وإن جمهور العلماء شغلهم العلم عن الكسب، فاحتاجوا إلى ما لا بد منه، وقل الصبر، فدخلوا مداخل شانتهم، وإن تأولوا فيها، إلا أن غيرها كان أحسن لهم! فالزهري[1] مع عبد الملك[2]، وأبو عبيد[3] مع طاهر بن الحسين[4]، وابن أبي [1] محمد بن مسلم بن شهاب "150-124هـ" هو الإمام العلم حافظ عصره. [2] عبد الملك بن مروان، فحل بني أمية والخليفة وأبو الخلفاء "26-86هـ". [3] القاسم بن سلام الهروي "157-224هـ" من كبار العلماء بالحديث والأدب والفقه، مصنفاته في غاية الجودة. وقد جاء في الأصل: أبوعبيدة، وهو خطأ. [4] مقدم جيش المأمون والقائم على نصرته "170-217هـ".
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 175