responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 173
بل ينبغي لهذا العالم الشديد الخوف من الله تعالى، الكثير الذكر للآخرة، أن يشاغل نفسه عن ذكر الموت، ليمتد نفس أمله قليلًا، فيصنف، ويعمل أعمال خير، ويقدر على طلب ولد، فأما إذا لهج بذكر الموت، كانت مفسدته عليه أكثر من مصلحته. ألم تسمع أن النبي صلى الله عليه وسلم سابق عاشة رضي الله عنها فسبقته، وسابقها فسبقها، وكان يمزح ويشاغل نفسه؟ فإن مطالعة الحقائق على التحقيق تفسد البدن، وتزعج النفس، وقد روي عن أحمد بن حنبل رحمة الله عليه: أنه سأل الله تعالى أن يفتح عليه باب الخوف، ففتح عليه، فخاف على عقله، فسأل الله أن يرد ذلك عنه. فتأمل هذا الأصل، فإنه لابد من مغالطة النفس[1]، وفي ذلك صلاحها. والله الموفق، والسلام.

[1] انظر: الفصل "171".
108- فصل: الفكر يدل على أشرف المقامات
509- من أعمل فكره الصافي؛ دله على طلب أشرف المقامات، ونهاه عن الرضا بالنقص في كل حال، وقد قال أبو الطيب المتنبي1:
ولم أر في عيوب الناس عيبًا ... كنقص القادرين على التمام
فينبغي للعاقل أن ينتهي إلى غاية ما يمكنه: فلو كان يتصور للآدمي صعود السماوات، لرأيت من أقبح النقائص رضاه بالأرض، ولو كانت النبوة تحصل بالاجتهاد، رأيت المقصر في تحصيلها في حضيض، غير أنه إذا لم يمكن ذلك، فينبغي أن يطلب الممكن.
والسيرة الجميلة عند الحكماء: خروج النفس إلى غاية كمالها الممكن لها في العلم والعمل.
510- وأنا أشرح من ذلك ما يدل مذكوره على مغفله[2]: أما في البدن، فليست الصورة داخلة تحت كسب الآدمي، بل يدخل تحت كسبه تحسينها وتزيينها،

[1] ديوانه ص "476".
[2] مذكوره على مغفله: أي: منطوقه على مفهومه، أو ما يدل الكلام على لازمه.
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 173
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست