اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 166
تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103] ، قال صلى الله عليه وسلم: "نعم المال الصالح للرجل الصالح"، وقال: "ما نفعني مال كمال أبي بَكْرٍ". وكان أبو بكر رضي الله عنه يخرج إلى التجارة، ويترك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا ينهاه عن ذلك.
482- وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لأن أموت بين شعبتي جبل، أطلب كفاف وجهي؛ أحب إلي من أن أموت غازيًا في سبيل الله".
483- وكان جماعة من الصحابة رضي الله عنهم يتجرون، ومن سادات التابعين سعيد بن المسيب، مات وخلف مالًا، وكان يحتكر الزيت[1]. وما زال السلف على هذا.
484- ثم قد تعرض نوائب -كالمرض- يحتاج فيها إلى شيءٍ من المال، فلا يجد الإنسان بدًّا من الاحتيال في طلبه[2]، فيبذل عرضه أو دينه.
485- ثم للنفس قوة بدنية عند وجود المال، وهو معدود عند الأطباء من الأدوية، حكمة وضعها الواضع.
486- وإنما نبغ أقوام، طلبوا طريق الراحة، فادعوا أنهم متوكلة، وقالوا: نحن لا نمسك شيئًا، ولا نتزود لسفر، ورزق الأبدان يأتي! وهذا على مضادة الشرع: فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن إضاعة المال[3]، وموسى عليه السلام لما سافر في طلب الخضر تزود[4]، ونبينا صلى الله عليه وسلم لما هاجر تزود[5]، وأبلغ من هذا قوله تعالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197] [6].
ثم يدعي هؤلاء المتصوفة بغض الدنيا، فلا يفهمون ما الذي يبتغي أن يبغض، ويرون زيادة الطلب للمال حرصًا وشرهًا!! [1] رواه أحمد "3/ 454"، وسيأتي في الفصل "109" عن سعيد بن المسيب: أنه كان يتجر في الزيت. [2] في الأصل: طلبته. [3] رواه البخاري "2408"، ومسلم "593" عن المغيرة رضي الله عنه. [4] قال تعالى: {فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا} [الكهف: 26] . [5] رواه البخاري "3905" عن عائشة رضي الله عنها. [6] قال ابن عباس: كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون، ويقولون: نحن المتوكلون، فإذا قدموا مكة سألوا الناس، فأنزل الله تعالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197] ، رواه البخاري "1523" وغيره.
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 166