responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 159
463- ولقيت الشيخ أبا منصور الجَوَالِيْقِيَّ[1]، فكان كثير الصمت، شديد التحري فيما يقول، متقنًا، محققًا، وربما سئل المسألة الظاهرة، التي يبادر بجوابها بعض غلمانه، فيتوقف فيها حتى يتيقن، وكان كثير الصوم والصمت، فانتفعت برؤية هذين الرجلين أكثر من انتفاعي بغيرهما ففهمت من هذه الحالة أن الدليل بالفعل أرشد من الدليل بالقول.
464- ورأيت مشايخ كانت لهم خلوات في انبساط ومزاح، فراحوا عن القلوب، وبدد تفريطهم ما جمعوا من العلم، فقل الانتفاع بهم في حياتهم، ونسوا بعد مماتهم، فلا يكاد أحد يلتفت[2] إلى مصنفاتهم.
فالله الله في العلم بالعمل، فإنه الأصل الأكبر. والمسكين كل المسكين من ضاع عمره في علم لم يعمل به، ففاتته لذات الدنيا وخيرات الآخرة، فقدم مفلسًا، على قوة الحجة عليه.

[1] موهوب بن أحمد بن محمد بن الخضر الجواليقي "466-540هـ": عالم بالأدب واللغة، مولده ووفاته ببغداد.
[2] في الأصل: أن يلتفت.
95- فصل: إن الله -عز وجل- يمهل ليبلو صبر الصابر
465- سبحان الملك العظيم، الذي من عرفه خافه، وما أمن مكره قط من[1] عرفه.
466- لقد تأملت أمرًا عظيمًا: أنه عز وجل يمهل حتى كأنه يهمل، فترى أيدي العصاة مطلقة، كأنه لا مانع؛ فإذا زاد الانبساط، ولم ترعو[2] العقول، أخذ أخذ جبار؛ وإنما كان ذلك الإمهال ليبلو صبر الصابر، وليملي في الإمهال للظالم، فيثبت هذا على صبره، ويجزي هذا بقبيح فعله، مع أن هنالك من الحلم في طي ذلك ما لا نعلمه، فإذا أخذ أخذ عقوبة، رأيت على كل غلطة تبعة، وربما جمعت، فضرب العاصي بالحجر الدامغ.

[1] في الأصل: ما.
[2] ترعوي: تنزجر وتتعظ.
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 159
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست