اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 151
ما عرف الله ولا من خاف منه
...
86- فصل: ما عرف الله إلا من خاف منه
433- أعجب العجب دعوى المعرفة مع البعد عن العرفان بالله! ما عرفه إلا من[1] خاف منه، فأما المطمئن، فليس من أهل المعرفة.
434- وفي المتزهدين أهل تغفيل، يكاد أحدهم يوقن[2] أنه ولي محبوب ومقبول! وربما توالت عليه ألطاف ظنها كرامات، ونسي الاستدراج[3]، الذي لفت مساكنته الألطاف! وربما احتقر غيره، وظن أن محلته[4] محفوظة به! تغره ركيعات يتنصب فيها، أو عبادة ينصب[5] بها! وربما ظن أنه قطب الأرض! وأنها لا ينال مقامه بعده أحد!!
435- وكأنه ما علم أنه بينا[6] موسى عليه السلام مكالم، نبئ يوشع! وبينا زكريا عليه السلام مجاب الدعوة، نشر بالمنشار! وبينا يحيى عليه السلام يوصف بأنه سيد، سلط عليه كافر احتز رأسه! وبينا بلعام[7] معه الاسم الأعظم، صار مثله كمثل الكلب! وبينا الشريعة يعمل بها، نسخت، وبطل حكمها! وبينا البدن معمور، خرب، وسلط البلى[8] عليه! وبينا العالم يدأب حتى ينال مرتبة يعتقدها، نشأ طفل في زمانه، ترقى إلى سبر عيوبه وغلطه، وكم من متكلم يقول: ما مثلي! لو عاش فسمع ما حدث بعده من الفصاحة، عد نفسه أخرس! هذا وعظ ابن السماك[9] وابن عمار[10] وابن [1] في الأصل: ما. [2] في الأصل: يوطن على. [3] الاستدراج: أن يفتح الله عليهم من النعم ما يغتبطهم به ويركنون إليه، ثم يأخذهم على غرتهم أغفل ما يكونون. كما قال المؤلف في زاد المسير ص "53" ط ابن حزم. [4] محلته: موطن سكناه. [5] ينصب: يتعب. [6] بينا: بينما. [7] بلعام بن باعوراء: أحد علماء بني إسرائيل، أضله الله بعد علم، فكان عبرة لغيره، نظر: قصته في فتح القدير تفسير الآيات "175- 178" من سورة الأعراف. [8] في الأصل: البلاء. [9] محمد بن صبيح العجلي، سيد الوعاظ في عصره، زاهد عابد، توفي سنة "183هـ". [10] منصور بن عمار بن كثير السلمي الخراساني، الواعظ البليغ، كان عديم النظير في الموعظة والتذكير وفاته في حدود المائتين.
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 151