اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 143
لنفسك -مع حزمها- تلك الواقعة؟! فإن الغالب ممن يلتفت أن معنى التفاته: كيف عثر مثلي -مع احترازه- بمثل ما أَرَى؟!
فَالعَجَبُ لك! عثرت بمثل الذنب الفلاني والذنب الفلاني! كيف غرك زخرف تعلم بعقلك باطنه، وترى بعين فكرك ماله؟! كيف آثرت فانيًا على باق؟! كيف بعت بوكس[1]؟ كيف اخترت لذة رقدة على انتباه مُعَامَلةٍ؟!
آهٍ لكَ! لقد اشتريت بما بعت أحمال ندم، لا يقلها[2] ظهر، وتنكيس رأس أمسى بعيد الرفع، ودموع حزن على قبح فعل ما لمددها انقطاع، وأقبح الكل أن يقال لك: بماذا؟! ومن أجل ماذا؟! وهذا على ماذا؟!.
يا من قلب الغرور عليه الصنجة[3]، ووزن له، والميزان رَاكِبٌ4! [1] الوكس: الغبن والخسارة. [2] لا يقلها: لا يحملها. [3] الصنجة: ما يوزن به.
4 الميزان الراكب: متعلق لا يتحرك ولا يزن.
80- فصل: ندر من تطرقه البلايا مع التقوى
413- تأملت قوله تعالى: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى} [طه:123] : قال المفسرون: {هُدَايَ} : رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكتابي. فوجدته على الحقيقة: أن كل من اتبع القرآن والسنة، وعمل بما فيهما، فقد سلم من الضلال بلا شك، وارتفع في حقه شقاء الآخرة بلا شك، إذا مات على ذلك.
414- وكذلك شقاء الدنيا، فلا يشقى أصلًا، ويبين هذا قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: 2] . فإن رأيته في شدة، فله من اليقين بالجزاء ما يصير الصاب[1] عنده عَسَلًا، وإلا، غلب طيب العيش في كل حالٍ.
415- والغالب أنه لا تنزل به شدة إلا إذا انحرف عن جادة التقوى، فأما الملازم لطريق التقوى، فلا آفة تطرقه، ولا بلية تنزل به، هذا هو الأغلب. [1] الصاب: شجر له عصارة شديدة المرارة.
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 143