اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 129
وهؤلاء: إن كانوا لاحظوا نعمة الواهب للعصمة عن الخطأ، فتوسلوا بإنعامه عليهم الذي أوجب تخصيصهم بتلك النعمة عن أبناء جنسهم، فبه توسلوا[1] إليه.
وإن كانوا لاحظوا أفعالهم، فلمحوا جزاءها، ظَنًّا منهم أنهم هم الذين فعلوا، فهم أهل غيبة لا حضور، ويكون جواب مسألتهم لقطع مننهم الدائمة.
356- ومثل هذه رؤية المتقي تقواه، حتى إنه يرى أنه أفضل من كثير من الخلق، وربما احتقر أهل المعاصي، وشمخ عليهم! وهذه غفلة عن طريق السلوك، وربما أخرجت.
357- ولا أقول لك: خالط الفساق احتقارًا لنفسك! بل اغضب عليهم في الباطن، وأعرض عنهم في الظاهر، ثم تلمح جريان الأقدار عليهم! فأكثرهم لا يعرف من عصى! وجمهورهم لا يقصد العصيان، بل يريد موافقة هواه، وعزيز عليه أن يعصى! وفيهم من غلب عليه تلمح العفو والحلم، فاحتقر ما يأتي، لقوة يقينه بالعفو!
وهذه كلها ليست بأعذار[2] لهم، ولكن، تلمحه أنت يا صاحب التقوى! واعلم أن الحجة عليك أوفى من الحجة عليهم؛ لأنك تعرف من تعصي، وتعلم ما تأتي، بل انظر إلى تقليب القلوب بين إصبعين، فربما دارت الدائرة، فصرت المنقطع، ووصل المقطوع. فالعجب ممن يدل[3] بخير عمله، وينسى من أنعم ووفق. [1] في الأصل: فتوسلوا. [2] في الأصل: باعتذار، وهو تصحيف. [3] يدل بخير عمله: يفحر به، ويرى لنفسه فضلًا وشأنًا.
71- فصل: شرعنا مضبوط الأصول محروس القواعد
358- اعلم أن شرعنَا مضبوط الأصول، محروس القواعد، لا خلل فيه ولا دخل[1]، وكذلك كل الشرائع.
359- إنما الآفة تدخل من المبتدعين في الدين أو الجهال، مثل ما أثر عن [1] الدخل: الفساد.
اسم الکتاب : صيد الخاطر المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 129