اسم الکتاب : صفة الصفوة المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 390
أن له فضلاً على غيره ولعل الله عز وجل يحبطها ويحبط معها عملاً كثيراً، وان العبد ليعمل السيئة تسوءه ولعل الله عز وجل يحدث له فيها وجلاً فيلقَى الله وان خوفها لفي جوفه باقٍ.
وعن عون بن جرير قال: سمعت أبي يقول: كان أبو حازم يمّر على الفاكهة فيقول: موعدُك الجنة.
وعن جُويرية بن أسماء قال: مر أبو حازم بجزار فقال: يا أبا حازم خذ من هذا اللحم فانه سمين قال: ليس معي درهم. قال أُنْظِرُك. قال: أنا أُنْظِرُ نفسي.
وعن الفضل قال قال حازم المَديني: وجدت الدنيا شيئين: فشيء منها هو لي فلن أعجّله قبل اجلِه ولو طلبته بقوة السموات والأرض، وشيء منها هو لغيري فلم أنله، فيما مضى، ولا أرجوه فيما بقي، يُمنع الذي لي من غيري كما يُمنع الذي لغيري مني، ففي أي هذين افني عمري؟ ووجدت ما أُعطيتْ من الدنيا شيئين فشيء يأتي اجله قبل اجلي فاغلَب عليه، وشيء يأتي اجلي قبل اجله فأموت واخلفه لمن بعدي، ففي أي هذين اعصي ربي عز وجل؟.
وعن حفص بن ميسرة قال: قال أبو حازم: عجباً لقوم يعملون لدار يرحلون عنها كل يوم مرحَلة، ويَدعون أن يعلموا لدارٍ يرحلون إليها كلَّ يوم مرحلة.
وعن ابن عُيينة قال أبو حازم: إني لأَعظ وما أرى له موضعاً وما أريد إلا نفسي، وقال: لو أن أحدكم قيل له ضع ثوبك على هذا الهوف حتى يُرمى لقال: ما كنتُ لأخرق ثوبي، وهو يخرق دينه. وحلف أبو حازم لجلسائه: لوددت أنّ أحدكم يُبقي على دينه كما يُبقى على نَعله..
وعن فُضَيل بن عياض قال: قال أبو حازم أضْمنُوا لي اثنين أضمنْ لكم الجنة: عملًا بما تكرهون إذا احبّه الله تعالى، وتَرْكِ ما تحبّون إذا كرِهَهُ الله عز وجل.
وعن يعقوب بن عبد الرحمن قال: سمعت أبا حازم يقول: يسيرُ الدنيا يشغَلُ عن كثير من الآخرة، وقال: ما أحببتَ أن يكون معك في الآخرة فقدّمه اليومَ، وما أكرهتَ أن يكون معك في الآخرة فاتركْه اليوم.
وقال: كل عمل تكره الموتَ من أجله فاتركه ثم لا يضرّك متى مت. وقال: انك لتجد الرجل يعمل بالمعاصي فإذا قيل له: أتحبّ أن تموت؟ قال: يقول: وكيف؟ وعندي ما عندي. فيقال له: أفلا تترك ما تعمل من المعاصي؟ فيقول: ما أريد ترْكَه وما احب أن أموت حتى اتركَه.
اسم الکتاب : صفة الصفوة المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 390