اسم الکتاب : صفة الصفوة المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 205
ذكر نبذة من زهده:
عن الحسن قال: كان عطاء سلمان الفارسي خمسة آلاف، وكان اميراً على زهاء ثلاثين الفاً من المسلمين، وكان يخطب الناس في عباءةٍ يفترش بعضها ويلبس بعضها، فإذا خرج عطاؤه أمضاه ويأكل من سفيف يديه.
وعن عمار يعني الدُّهني قال كان عطاء سلمان الفارسي أربعة آلاف وكارة من ثياب، فيتصدق بها ويعمل الخُوص.
وعن مالك بن أنس أن سلمان الفارسي كان يستظل بالفيء حيثما دار، ولم يكن له بيت. فقال له رجل: ألا نبني لك بيتاً تستظل به من الحر وتسكن فيه من البرد؟ فقال له سلمان: نعم. فلما أدبر صاح به فسأله سلمان: كيف تبنيه؟ قال: أبنيه إن قمت فيه أصاب رأسك وإن اضطجعت فيه أصاب رجليك. فقال سلمان: نعم.
وقال عبادة بن سيلم: كان لسلمان خباء من عبَاء وهو أمير الناس.
وعن أبي عبد الرحمن السلمي، عن سلمان: أنه تزوج امرأة من كندة فلما كان ليلة البناء مشى معه أصحابه حتى أتى بيت المرأة فلما بلغ البيت قال: ارجِعوا أجرَكم عند الله ولم يُدخلهم. فلما نظر إلى البيت والبيت منجَّد قال: أمحموم بيتكم أم تحولت الكعبة في كِندة؟ فلم يدخل حتى نزع كل سترٍ في البيت غير ستر الباب فلما دخل رأى متاعا كثيراً فقال: لمن هذه المتاع؟ قالوا: متاعك ومتاع امرأتك فقال: ما بهذا أوصاني خليلي رسول الله. صلى الله عليه وسلم أوصاني خليلي ان لا يكون متاعي من الدنيا إلا كزاد الراكب ورأى خدماً فقال: لمن هذه الخدم؟ قالوا خدمك وخدم امرأتك فقال: ما بهذا أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم أوصاني خليلي أن لا أمسك إلا ما أنكحَ، أو أنكح، فإن فعلت فبغيْنَ كان علي مثل أوزارهن من غير أن ينقص من أوزارهن شيء. ثم قال للنسوة اللاتي عند امرأته: هل أنتنّ مخليّات بيني وبين امرأتي؟ قلن نعم. فخرجن، فذهب إلى الباب فأجافه وأرخى الستر ثم جاء فجلس عند امرأته فمسح ناصيتها ودعا بالبركة. فقال لها هل أنت مطيعتي في شيء آمرك به؟ قالت: جلست مجلس من يطيع. قال فإن خليلي أوصاني إذا اجتمعتُ إلى أهلي أن اجتمع على طاعة الله. فقام وقامت إلى المسجد فصلّيا ما بدا لهما ثم خرجا فقضى منها ما يقضي الرجل من امرأته. فلما أصبح غدا عليه أصحابه فقالوا: كيف وجدت أهلك؟ فأعرض عنهم. ثم أعادوا فأعرض عنهم. ثم أعادوا فأعرض عنهم. ثم قال: إنما جعل الله عز وجل الستور والخِدْور
اسم الکتاب : صفة الصفوة المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 205