فمن الناس من لا يعرف جاره الملاصق لبابه، وربما دامت الجيرة سنوات عديدة وهم لم يتعارفوا.
ومن الناس من يضايق جيرانه بإلقاء الزبل أمام أبوابهم، أو بإيقاف سيارته بمحاذاة باب الجيران مما يشق معه دخولهم إلى المنزل وخروجهم منه.
ومن الناس من يريق الماء الكثير أمام بيت الجيران.
ومنهم من يؤذيهم بالروائح الكريهة، ورفع الأصوات، وإزعاجهم وقت راحتهم.
ومنهم من يقوم أبناؤه بإثارة المشكلات مع أبناء الجيران.
ومع ذلك لا يكف أذاهم عن الجيران، بل ربما دافع عنهم.
وأقبح ما في ذلك تتبع عورات الجار والنظر إلى محارمه عبر سطح المنزل، أو عبر النوافذ المطلة عليه.
فذلك العمل يعد من أقبح الخصال وأسوئها، والعرب كانت تأنف هذه الخصلة، وتفاخر بمحاماتها عن الجار ورعايتها لحقه.
قال مسكين الدارمي:
ناري ونار الجار واحدة
...
وإليه قبلي تنزل القدر
ما ضر جار لي أجاوره
...
ألا يكون لبيته ستر[1]. [1] الشعر والشعراء لابن قتيبة، ص 132.