والمقصود أن المزاح لا ينبغي الإكثار منه، ولا الإسفاف فيه.
أما ما عدا ذلك فيحسن؛ لما فيه من إيناس الجليس وإزالة الوحشة، ونفي الملل والسآمة.
وإنما المزاح في الكلام كالملح في الطعام، إن عدم أو زاد على الحد فهو مذموم[1].
أفد طبعك المكدود بالجد راحة
...
يجم وعلله بشيء من المزح
ولكن إذا أعطيته المزح فليكن
...
بمقدار ما تعطي الطعام من الملح[2].
27ـ الفخر بالنسب:
فالفخر بالنسب خلق جاهلي، ذمه الإسلام، ومقت أهله، وحذر من صنيعهم.
والفخر بالنسب عنوان سفه العقل، وآية دنو الهمة فهل للإنسان الخيرة في اختيار نسبه؟ وهل النسب مما يرفع عند الله؟ إنما الفخر كل الفخر بتقوى الله ـ عز وجل ـ وبالترقي في مراتب الكمال، ومدارج الفضيلة.
لقد رفع الإسلام سلمان فارس
...
كما وضع الكفر الشريف أبا لهب
فكم من الناس ـ مع بالغ الأسف ـ من يفاخر بنسبه، ويترفع على من سواه، ويعقد الولاء والبراء للنسب، مع أن الله ـ عز وجل ـ يقول في محكم التنزيل: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى [1] انظر: بهجة قلوب الأبرار لابن سعدي ص 70. [2] أدب الدنيا والدين، ص 311.