قول العرب في المثل المشهور: "إياك أعني واسمعي يا جارة"[1].
مثال ذلك أن تتعمد رجلا بالنصيحة، فتخشى باردة غضبه، إن أنت كاشفته بخطئه، فتسلك في نصحه سبلا أخرى، دون أن تثير غضبه، أو تمس كبرياءه، أو أن تخجله لكونك اطلعت على خطئه.
فبدلا من مواجهته مباشرة بإمكانك أن تداريه، وتوصل له ما تريد بعدة طرق لا يشعر معها أنك تريد نصحه.
منها أن تذكر له حالة أخرى مشابهة لحالته، وقد حدثت لشخص آخر وقع فيما وقع به صاحبك من خطأ، ثم تخلص من ذلك إلى ذم ذلك الخطأ، وتقبيحه، والتنفير منه، والتحذير من الوقوع فيه.
ومنها أن تستحثه على نصح فلان من الناس؛ وقع في ذلك الخطأ، ثم تبين له وجه ذلك الخطأ وسبل علاجه.
ومنها أن تستشيره في علاج ذلك الخطأ؛ لفشوه في الناس، ثم تنفذ من خلال ذلك إلى بيان خطئه، وإشعاره بخطره وضرره.
أو نحو ذلك من الطرق المناسبة، التي لا تريد من خلالها سوى لفت نظر صاحبك، وإشعاره بخطئه من طرف خفي.
17ـ من المداراة أن تعرف أن أناسا بأعيانهم قد وقعوا في مخالفة ما، فترغب أن ترشدهم إلى الصواب، وتلفت أنظارهم إلى ما هم فيه من الخطأ، فتتحامى ذكر أسمائهم بأعيانهم؛ خشية نفورهم وإعراضهم، فتلجأ إلى التعريض بهم من باب "ما بال أقوام".
فتشير أن هناك ملاحظة حول أمر ما، وهي كذا وكذا، أو [1] الأمثال لأبي عبيد، ص65.