responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ذم الهوى المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 606
فَلَمَّا اطْمَأَنَّ الْعِرَاقِيُّ سَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَرَّفَهُ نَفْسَهُ وَهَيَّأَ لَهُ بَغْلَةً فَارِهَةً وَثِيَابًا مِنْ ثِيَابِ الْعِرَاقِ وَأَلْطَافًا فَبَعَثَ بِهَا إِلَيْهِ وَكَتَبَ يَا سَيِّدِي إِنِّي رَجُلٌ تَاجِرٌ وَنِعْمَةُ اللَّهِ عَلَيَّ سَابِغَةٌ وَقَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكَ بِشَيْءٍ مِنْ لُطَفِ كَذَا وَكَذَا مِنَ الثِّيَابِ وَالْعِطْرِ وَبَعَثْتُ بِبَغْلَةٍ خَفِيفَةِ الْعَنَانِ وَطِيئَةِ الظَّهْرِ وَأَنَا أَسْأَلُكَ بِقَرَابَتِكَ مِنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلا قَبِلْتَ هَدِيَتِي وَلَمْ تُوحِشْنِي بِرَدِّهَا إِنِّي أَدِينُ اللَّهَ تَعَالَى بِحُبِّكَ وَحُبِّ أَهْلِ بَيْتِكَ وَإِنَّ أَعْظَمَ أَمَلِي فِي سَفَرِي هَذِهِ أَنْ أَسْتَفِيدَ الأُنْسَ بِكَ وَالتَّحَرُّمَ بِمَوَاصَلَتِكَ فَأَمَرَ عَبْدُ اللَّهِ بِقَبْضِ هَدِيَّتِهِ وَخَرَجَ إِلَى الصَّلاةِ فَلَمَّا رَجَعَ مر بالعراق فِي مَنْزِلِهِ فَقَامَ إِلَيْهِ وَقَبَّلَ يَدَهُ فَرَأَى أَدَبًا وَظُرْفًا وَفَصَاحَةً فَأَعُجِبَ بِهِ وَسُرَّ بِنُزُولِهِ عَلَيْهِ فَجَعَلَ الْعِرَاقِيُّ فِي كُلِّ يَوْمٍ يَبْعَثُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بِلُطَفٍ تُطْرِفُهُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ جَزَى اللَّهُ ضَيْفَنَا هَذَا خَيْرًا قَدْ مَلأَنَا شُكْرًا وَمَا نَقْدِرُ عَلَى مُكَافَأَتِهِ فَإِنَّهُ لَكَذَلِكَ إِلَى أَنْ دَعَاهُ عَبْدُ اللَّهِ وَدَعَا بِعُمَارَةَ فِي جَوَارِيهِ فَلَمَّا طَابَ لَهُمَا الملجس وَسَمِعَ غِنَاءَ عُمَارَةَ تَعَجَّبَ وَجَعَلَ يَزِيدُ فِي عَجَبِهِ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ سُرَّ بِهِ إِلَى أَنْ قَالَ هَلْ رَأَيْتَ مِثْلَ عُمَارَةٍ قَالَ لَا وَاللَّهِ يَا سَيِّدِي مَا رَأَيْتُ مِثْلَهَا وَمَا تَصْلُحُ إِلا لَكَ وَمَا ظَنَنْتُ أَنْ يَكُونَ فِي الدُّنْيَا مِثْلَ هَذِهِ الْجَارِيَةِ حُسْنَ وَجْهٍ وَحُسْنَ عَمَلٍ
قَالَ فَكَمْ تُسَاوِي عِنْدَكَ قَالَ مَالَهَا ثَمَنٌ إِلا الْخِلافَةُ قَالَ تَقُولُ هَذَا لِتُزَيِّنَ لِي رَأْيِي فِيهَا وَتَجْتَلِبُ سُرُورِي قَالَ لَهُ يَا سَيِّدِي إِنِّي لأُحِبُّ سُرُورَكَ وَمَا قُلْتُ لَكَ إِلَّا الْجد وَبعد فَإِنِّي تَاجِرًا أَجْمَعُ الدِّرْهَمَ إِلَى الدِّرْهَمِ طَلَبًا لِلْرِبْحِ وَلَوْ أَعْطَيْتَنِيهَا بِعَشَرَةِ آلافِ دِينَارٍ لأَخَذْتُهَا فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ عَشَرَةُ آلافٍ قَالَ نَعَمْ وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ جَارِيَةٌ تُعْرَفُ بِهَذَا الثَّمَنِ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ

اسم الکتاب : ذم الهوى المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 606
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست