responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ذم الهوى المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 454
وَكَنَسَ الْغُلامُ الدَّارَ وَرَشَّ وَجَلَسَ هُوَ وَمَضَى الْغُلامُ وَعَادَ بَعْدَ الْعَصْرِ وَمَعَهُ عِدَّةُ حَمَّالِينَ وَامْرَأَةٌ فَدَخَلُوا الدَّارَ وَأَغْلَقَ الْبَابَ فَمَا سَمِعْنَا لَهُمْ حَرَكَةً وَخَرَجَ الْغُلامُ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَبَقِيَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ فِي الدَّارِ فَمَا فَتَحَا الْبَابَ أَيَّامًا ثُمَّ خَرَجَ إِلَيَّ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ فَقُلْتُ وَيْحَكَ مَالَكَ فَأَوْمَأَ إِلَيَّ أَنَّهُ مُسْتَتَرٌ مِنْ دَيْنٍ عَلَيْهِ وَسَأَلَنِي أَنْ أَنْدُبَ لَهُ رجل يَبْتَاعُ لَهُ كُلَّ يَوْمٍ مَا يُرِيدُهُ دُفْعَةً وَاحِدَةً فَفَعَلْتُ فَكَانَ يَخْرُجُ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ فَيَزِنَ دَرَاهِمَ كَثِيرَةً فَيُعْطِيهَا لِلْغُلامِ الَّذِي نَصَّبْتُهُ لَهُ لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِهَا مَا يَكْفِيهِ لِطُولِ تِلْكَ الأَيَّامِ مِنَ الْخُبْزِ وَاللَّحْمِ وَالْفَاكِهَةِ وَالنَّبِيذِ وَالأَبْقَالِ وَيَصُبُّ الْمَاءَ فِي الْحُبَابِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي قَدْ أَعَدَّهَا لِتِلْكَ الأَيَّامِ وَلا يَفْتَحُ الْبَابَ أَوْ يَنْقَضِيَ ذَلِكَ الزَّادُ فَكَانَ عَلَى هَذَا سَنَةً وَلا يَجِيءُ إِلَيْهِ أَحَدٌ وَلا يَخْرُجُ مِنْ عِنْدِهِ أَحَدٌ وَلا أَرَاهُ أَنَا وَلا غَيْرِي إِلَى أَنْ جَاءَ فِي لَيْلَةٍ وَقْتَ الْمَغْرِبِ فَدَقَّ بَابِي فَخَرَجْتُ فَقُلْتُ مَالَكَ فَقَالَ اعْلَمْ أَنَّ زَوْجَتِي قَدْ ضَرَبَهَا الطَّلْقُ فَأَغِثْنِي بِقَابِلَةٍ وَكَانَ فِي دَارِي قَابِلَةٌ لأُمِّ أَوْلادِي فَحَمَلْتُهَا إِلَيْهِ فَأَقَامَتْ عِنْدَهُ لَيْلَتَهَا فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ جَاءَتْنِي فَذَكَرَتْ أَنَّ امْرَأَتَهُ وَلَدَتْ فِي اللَّيْلِ بِنْتًا وَأَنَّهَا أَصْلَحَتْ أُمُورَهَا وَأَنَّ النُّفَسَاءَ فِي حَالَةِ التَّلَفِ وَعَادَتْ إِلَيْهَا فَلَمَّا كَانَ فِي وَقْتِ الظَّهِيرَةِ مَاتَتِ الْجَارِيَةُ فَجَاءَتِ الْقَابِلَةُ فَأَخْبَرَتْنَا فَقَالَ الله اللَّهَ أَنْ تَجِيئَنِي امْرَأَةٌ أَوْ يَلْطِمَ أَحَدٌ أَوْ يَجِيءَ أَحَدٌ مِنَ الْجِيرَانِ فَيُعَزِّيَنِي أَوْ يَصِيرَ لِي جَمْعٌ فَفَعَلْتُ ذَلِكَ وَوَجَدْتُهُ مِنَ الْبُكَاءِ وَالشَّهِيقِ عَلَى أَمْرٍ عَظِيمٍ فَأَحْضَرْتُ لَهُ الْجَِنَازَةَ بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ وَقَدْ كُنْتُ أَنْفَذْتُ مَنْ حَفَرَ قَبْرًا فِي مَقْبَرَةٍ قَرِيبًا مِنَّا فَانْصَرَفَ الْحَفَّارُونَ لَمَّا أَمْسَوْا وَقَدْ كَانَ وَافَقَنِي عَلَى صَرْفِهِمْ وَقَالَ لَا أُرِيدُ أَنْ يَرَانِي أَحَدٌ وَأَنَا وَأَنْتَ نَحْمِلُ الْجَِنَازَةَ إِنْ تَفَضَّلْتَ بِذَاكَ وَرَغِبْتُ فِي الثَّوَابِ وَنَلِيَ دَفْنَهَا فَاسْتَحْيَيْتُ وَقُلْتُ لَهُ أَفْعَلُ
فَلَمَّا قَرُبَتِ الْعَتْمَةُ خَرَجْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ تُخْرِجُ الْجَِنَازَةَ فَقَالَ تَتَفَضَّلُ أَوَّلا تَنْقُلُ هَذِهِ الصَّبِيَّةُ إِلَى دَارِكَ عَلَى شَرْطٍ قُلْتُ وَمَا هُوَ قَالَ إِنَّ نَفْسِي لَا تُطِيقُ

اسم الکتاب : ذم الهوى المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 454
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست