responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ذم الهوى المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 312
عَنِ الطَّبِيعَةِ كَمَا أَنَّهُ بِمِقْدَارِ أَذَى الْجُوعِ وَالْعَطَشِ يَكُونُ الالْتِذَاذُ بِالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فَإِذَا عَادَ الْجَائِعُ وَالْعَطْشَانُ إِلَى حَالَتِهِ الأُولَى كَانَ إِكْرَاهُهُ عَلَى تَنَاوُلِهِمَا أَبْلَغُ شَيْءٍ فِي أَذَاهُ وَأَرْبَابُ الطَّلَبِ لِلْمَلْذُوذِ لَا يَرَوْنَ إِلا صُورَةَ بُلُوغِ الْغَرَضِ وَهُمْ عَمُونَ بِحِجَابِ الْهَوَى الَّذِي قَدَّمْنَا ذَمَّهُ عَنْ فَهْمِ مَا قُلْنَا غَافِلُونَ عَمَّا تَنْطَوِي عَلَيْهِ اللَّذَّةُ مِنَ الْمُخَاطَرَةِ بِالنُّفُوسِ وَانْكِسَارِ الْجَاهِ وَحُصُولِ الإِثْمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَلَوْ قَدْ كَشَفَ فَجْرُ التَّيَقُظِ سِجَافَ لَيْلِ الْهَوَى فَرَأَوْا بِأَعْيُنِ الْبَصَائِرِ مَا يَحْتَوِي عَلَيْهِ الْهَوَى مِنَ الآفَاتِ لَهَانَ عَلَيْهِمْ غَرَضُهُمْ
قَالَ سُقْرَاطُ اللَّذَّةُ مِشْنَاقٌ مِنْ عَسَلٍ وَقَالَ غَيْرُهُ اللَّذَّةُ مَشُوبَةٌ بِالْقُبْحِ فَتَفَكَّرُوا فِي انْقِطَاعِ اللَّذَّةِ وَبَقَاءِ ذِكْرِ الْقُبْحِ وَقَالَ آخَرُ عَارُ الْفَضِيحَةِ كَدْرُ لَذَّتِهَا
فَصْلٌ وَإِذَا ثَبَتَ عَيْبُ اللَّذَّاتِ عِنْدَ الْعُقُولِ النَّيِّرَةِ بِمَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ فَهَذَا
الْعَيْبُ لازِمٌ فِي بَابِ الْعِشْقِ بَلْ هُوَ بِهِ أَجْدَرُ فَإِنَّ إِعْمَالَ الْبَصَرِ فِي تِكْرَارِ النَّظَرِ حَقَنَ فِي نَفْسِ الْعَاشِقِ طَلَبَ الالْتِذَاذِ فَكُلَّمَا نَالَ لَذَّةً بِنَظْرَةٍ دَفَعَ بَعْضَ الأَذَى الَّذِي جَلَبَهُ لِنَفْسِهِ إِلا أَنَّهُ يَجْتَلِبُ بِتِلْكَ النَّظْرَةِ مِنَ الشَّرِّ أَضْعَافَ مَا دَفَعَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ تِكْرَارَ النَّظَرِ يُقَوِّي الْقَلَقَ إِلَى الْحَبِيبِ وَلا شِفَاءَ لِذَلِكَ إِلا أَنْ يَنْتَهِي إِلَى غَايَتِهِ الْمَطْلُوب مِنَ الْمُتْعَةِ الدَّائِمَةِ الَّتِي تَمْتَدُّ إِلَى بِدَايَةِ الْمَلَلِ وَبَعْضُ ذَلِكَ قَدْ يُوجِبُ خِزْيَ الدُّنْيَا وَالأَخِرَةِ

اسم الکتاب : ذم الهوى المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 312
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست