responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ذم الهوى المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 305
وَخَرَجْتُ فَجِئْتُ الْغُرْفَةَ الَّتِي كُنَّا نَنْزِلُهَا وَإِذَا صَاحِبِي مُوَرَّمُ الأُذُنَيْنِ وَقَدِ امْتُحِنَ بِمِثْلِ مِحْنَتِي فَلَمَّا مَدَّ يَدَهُ إِلَى الْمَالِ صَفَّعُوهُ وَحَلَفَتْ خَالِصَةُ لَئِنْ رَأَتْهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِتُودِعَنَّهُ الْحَبْسَ فَاسْتَشَارَنِي فِي الْمُقَامِ فَقُلْتُ اخْرُجْ وَإِيَّاكَ أَنْ تَقْدِرَ عَلَيْكَ ثُمَّ الْتَقَتَا فَأَخْبَرَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ صَاحِبَتَهَا الْخَبَرَ وَأَحْمَدَتْنِي عُتْبَةُ وَصَحَّ عِنْدَهَا أَنِّي مُحِبٌّ مُحِقٌّ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ أَيَّامٍ دَعَتْنِي فَقَالَتْ بِحَيَاتِي عَلَيْكَ إِنْ كُنْتَ تُعِزُّهَا إِلا أَخَذْتَ مَا يُعْطِيكَ الْخَادِمُ فَأَصْلَحْتَ بِهِ مِنْ شَأْنِكَ فَقَدْ غَمَّنِي سُوءُ حَالِكَ فَامْتَنَعْتُ فَقَالَتْ لَيْسَ هَذَا مِمَّا تَظُنُّ وَلَكِنْ لَا أُحِبُّ أَنْ أَرَاكَ فِي هَذَا الزِّيِّ فَقُلْتُ لَوْ أَمْكَنَنِي أَنْ تَرَيْنِي فِي زِيِّ الْمَهْدِيِّ لَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَقْسَمَتْ عَلَيَّ فَأَخَذْتُ الصُّرَّةَ فَإِذَا فِيهَا ثَلَاثمِائَة دِينَارٍ فَاكْتَسَيْتُ كُسْوَةً حَسَنَةً وَاشْتَرَيْتُ حِمَارًا
فَصْلٌ وَيَتَأَكَّدُ الْعِشْقُ بِإِدْمَانِ النَّظَرِ وَكَثْرَةِ اللِّقَاءِ وَطُولِ الْحَدِيثِ فَإِنِ انْضَمَّ
إِلَى ذَلِكَ مُعَانَقَةٌ أَوْ تَقْبِيلٌ فَقَدْ تَمَّ اسْتِحْكَامُهُ وَقَدْ ذَكَرَ حُكَمَاءُ الأَوَائِلِ أَنَّهُ إِذَا وَقَعَتِ الْقُبَلُ بَيْنَ الْمُتَحَابَّيْنَ وَوَصَلَتْ بَلَّةٌ مِنْ رِيقِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى مَعِدَةِ الآخَرِ اخْتَلَطَ ذَلِكَ بِجَمِيعِ الْبَدَنِ وَوَصَلَ إِلَى جِرْمِ الْكَبِدِ
وَهَكَذَا إِذَا تَنَفَّسَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي وَجْهِ صَاحِبِهِ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ مَعَ ذَلِكَ النَّفَسِ شَيْءٌ مِنْ نَسِيمِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَيَخْتَلِطُ بِأَجْزَاءِ الْهَوَاءِ فَإِذَا اسْتَنْشَقَا مِنْ ذَلِكَ الْهَوَاءِ دَخَلَ فِي الْخَيَاشِيمِ وَوَصَلَ بَعْضُهُ إِلَى الدِّمَاغِ فَسَرَى فَهِيَ كسريان النُّور فِي جرم البللور وَوَصَلَ بَعْضُهُ إِلَى جِرْمِ الرِّئَةِ ثُمَّ إِلَى الْقَلْبِ فَيَدُبُّ فِي الْعُرُوقِ الضَّوَارِبِ فِي جَمِيعِ الْبَدَنِ فَيَنْعَقِدُ مِنْ بَدَنِ هَذَا مَا تحلل من بدن هَذَا فيصيرمزاجا بِهِ يَتَوَلَّدُ الْعِشْقُ وَيَنْمَى

اسم الکتاب : ذم الهوى المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 305
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست