responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ذم الهوى المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 134
أَنِّي نَظَرْتُ إِلَى أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ حَتَّى كَلَّمْتَنِي
فَقَالَ لَعَمْرِي لَقَدْ كَانَ هَذَا نَظَرُ شُؤْمٍ عَلَيْكَ أَلْبَسَكَ طُولَ الْعَنَاءِ وَأَوْرَثَكَ إِدْمَانَ الْبُكَاءِ
فَقَالَ هَذَا لَعَمْرِي كَذَاكَ لَقَدْ بَكَيْتُ حَتَّى نَفَدَ دَمْعِي وَقَلُصَ فَمَا أَقْدِرُ عَلَى قَطْرَةٍ إِلا فِي بَعْضِ الأَيَّامِ فَإِذَا بَكَيْتُ وَجَدْتُ لِذَلِكَ رَاحَةً وسلوا مَا
قَالَ فَمَا النَّظَرُ الَّذِي بَلَغَ بِكَ هَذَا كُلَّهُ فَقَالَ حَضَرَ بَعْضُ أَعْيَادِنَا فَأَتَانِي جَمَاعَةٌ وَفِيهِمْ شَخْصٌ حَيَّرَ عَقْلِي كَمَالُهُ فَكَرَّرْتُ النَّظَرَ إِلَيْهِ مِرَارًا فَزَرَعَ فِي قَلْبِي زَرْعًا لَا تُحْصُدُهُ الْمَنَاجِلُ وَلا تُسْفِيهِ الرِّمَاحُ وَلا يَزْدَادُ عَلَى مَرِّ الأَيَّامِ إِلا جِدَّةً وَثَبَاتًا فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ عَاتَبْتُ قَلْبِي كَيْ يُرَاجِعَنِي فَأَبَى إِلا التَّعَلُّقَ بِهِ وَالتَّعَرُّضَ لَهُ وَالتَّطَلُبَ لأَسْبَابِ قُرْبِهِ فَلَمَّا رَأَيْتُهُ مُقِيمًا عَلَى مُخَالَفَتِي وَمَاضِيًا عَلَى عِصْيَانِي عَاهَدْتُ اللَّهَ أَنْ لَا أَرَى أَحَدًا وَلا يَرَانِي وَهَذِهِ عُقُوبَةُ كُلِّ طَرْفٍ مَالَ إِلَى غَيْرِ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى مَا أَمَرَهُ أَوْ يَعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ عَفَى لَهُ عَمَّا أَجْرَمَ
ثُمَّ أَخَذَ فِي الْبُكَاءِ فَانْصَرَفْنَا وَتَرَكْنَاهُ
أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ بْنِ الْفَرَجِ قَالَتْ أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ الْيَسَعِ قَالَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الدَّيْنَوَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَر ابْن عَبْدِ اللَّهِ الصُّوفِيُّ قَالَ قَالَ أَبُو حَمْزَةَ حَدَّثَنِي أَبُو الْعُمَرِ حُسَامُ بْنُ الْمَضَّاءِ الْمِصْرِيُّ قَالَ غَزَوْتُ فِي زَمَنِ الرَّشِيدِ فِي بَعْضِ الْمَرَاكِبِ فَلَجَجْنَا فِي الْبَحْرِ فَكُسِرَ بِنَا فِي بَعْضِ جَزَائِرِ صِقِلَّيَةَ فَخَرَجَ مَنْ أَفْلَتَ وَخَرَجَتُ مَعَهُمْ فَرَأَيْتُ فِي بَعْضِ الْجَزَائِرِ رَجُلا لَا يَمْلِكُ دَمْعَهُ مِنْ كَثْرَةِ الْبُكَاءِ فَسَأَلْتُهُ عَنْ حَالِهِ وَقُلْتُ لَهُ ارْفِقْ بَعَيْنِكَ فَإِنَّ الْبُكَاءَ قَدْ أَضَرَّ بِهِمَا فَقَالَ إِلَّا ذَلِك قُلْتُ مَا جَنَايَتُهُمَا عَلَيْكَ حَتَّى تتمنى لَهَا الْبَلاءَ فَقَالَ جِنَايَةٌ لَا أَزَالُ إِلَى اللَّهِ مُعْتَذِرًا مِنْهَا أَيَّامَ حَيَاتِي قُلْتُ وَمَا هِيَ قَالَ سُرْعَةُ نَظَرِهِمَا إِلَى الأُمُورِ الْمَحْظُورَةِ عَلَيْهِمَا وَلَقَدْ أَوْقَعَانِي فِي ذَنْبٍ نَظَرْتُ إِلَيْهِ لَوْلا الرَّجَاءُ لِرَحْمَةِ اللَّهِ لَيَئِسْتُ أَنْ يُعْفَى عَنْهُ لِي
فَبِاللَّهِ لَوْ صَفَحَ اللَّهُ لِي عَنْهُ وَأَدْخَلَنِي

اسم الکتاب : ذم الهوى المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 134
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست