اسم الکتاب : دعوة الرسل عليهم السلام المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 411
وكان الله يبين له الصواب إذا أخطأ، وكان عليه السلام رجّاعا، يعود للحق إذا عرفه، ولا يعتز بحكم أصدره، ما لم يكن وحيا.
وفي مجال معونة الله لداود -عليه السلام- وإرشاده إلى الصواب, نورد ثلاثا من القضايا التي أصدر فيها حكما، ثم عدل عنه، بعد أن أظهر الله له الحق، والصواب.
الحادثة الأولى: حادثة الغنم
في يوم عبادة داود -عليه السلام- فوجئ وهو في المحراب برجلين, يدخلان عليه من فوق سور المحراب ليلا، ففزع منهما؛ لأنه تصورهما جاءا لقتله، وهم بالدفاع والقتال، فهدآ من روعه، وعرفاه بأنهما خصمان، اختصما في غنم بينهما، وطلبا منه الحكم بينهما، بما عرف عنه من دقة، وعدل، ورجواه ألا يظلم أحدهما، وأن يدلهما على الحكم العادل المستقيم، يقول تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ} [1].
هدأت نفس داود -عليه السلام- وذهب عنه الروع، وجلس يسمع لهما، فقال المدعي: {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ} [2], وضح المدعي الصلة بينه وبين المدعى عليه، وهي أنهما أصدقاء، وعلى دين واحد، وقال: إن المدعى عليه أراد أخذ نعجتي، وغلبني ببلاغته، وسلطانه ... ويبدو أن المدعى عليه أقره على ما ادعى, فأصدر داود حكمه بعد أن عرف الدعوى، وسمع إقرار المدعى عليه ... وكان عليه السلام أن يستقصي في البحث، ويسأل المدعي: من أين له هذه النعجة الواحدة؟ فلربما سرقها من المدعى عليه "وهو الذي كان".
حكم داود -عليه السلام- بعد إقرار المدعى عليه، وشعر بأنه تعجل، وأدرك أن هذا ابتلاء من الله، فاستغفر الله، وخر ساجدا، واستمر على سجوده حتى غفر الله له [1] سورة ص الآيات: 21, 22. [2] سورة ص آية: 23.
اسم الکتاب : دعوة الرسل عليهم السلام المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 411