اسم الکتاب : دعوة الرسل عليهم السلام المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 406
سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [1]، وذلك أن داود -عليه السلام- قد أعانه الله على عمل الدروع من الحديد، وأرشده الله إلى صناعتها, وصنعة اللبوس هي صناعة الدروع، وكانت قبله تصنع من الصفيح، قطعة واحدة، فلما لان الحديد له، صنعها عليه السلام حلقا من الصلب الشديد، في هيئة رقائق متموجة لينة، والسابغات هي الدروع، وقد أمره الله تعالى بأن يقدر في السرد، بمعنى فتح الحلقة على قدر المسمار، فلا تتسع عنه، ولا تضيق عنه. [1] سورة سبأ الآيات: 10, 11.
2- تأويب الجبال والطير معه:
يقول الله تعالى: {اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ، إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ، وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ} [1]، ويقول تعالى: {مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ} [2]، وذلك أن الله تعالى وهبه حلاوة الصوت، وجمال النطق، فكان عليه السلام إذا قرأ شيئا من كتابه "الزبور" يقف الطير في الهواء، يرجع بترجيعه، ويسبح بتسبيحه، وكانت الجبال تجيبه، وتسبح معه، وفي الصحيح أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سمع أبا موسى الأشعري -رضي الله عنه- يقرأ القرآن, فقال له: "لقد أُوتيتَ أبا موسى مزمارا من مزامير داود" [3].
والآية تصور فضل داود -عليه السلام- وأنه قد بلغ من الشفافية والتجرد لله حدا انزاحت الحجب أمامه، فالتقت معه الكائنات، وانمحت الفواصل بين المخلوقات، وسبح الطير والجبل معه، وأخذ كل منهم يتصل بالآخر في التسبيح، والحمد، والدعاء، يسمع, ويفهم، ويرجع، ويعيد، وتلك درجة لا ينالها إلا المقربون. [1] سورة ص الآيات: 17-19. [2] سورة سبأ آية: 10. [3] صحيح البخاري, كتاب فضائل القرآن, باب تحسين الصوت ج9 ص92.
اسم الکتاب : دعوة الرسل عليهم السلام المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 406