اسم الکتاب : دعوة الرسل عليهم السلام المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 295
وقد قام موسى وهارون بإيصال الدعوة لفرعون في لين، ورفق، وترغيب، واستمالة, فهما يدعوانه إلى الهدى، والأمن، والسلام، والنجاة في اتباع الهدى، وعرفاه بأن معهما آيتين من معجزات الله تشهدان بصدقهما.
رد فرعون عليهما, وطلب منهما أن يظهرا هاتين الآيتين اللتين تحدثا عنهما؛ ليرى مدى صدقهما.
فأظهر له موسى -عليه السلام- معجزة العصا، ومعجزة اليد، التي تدرب عليهما في طور سيناء يوم أن كلمه الله تعالى، فاتهمهما فرعون بالكذب، وبأن ما أظهراه هو السحر، وأخذ في مناقشة موسى، ومحاولة صرفه عن الدعوة، قال له: يا موسى, أنسيتَ فضلنا عليك؟ أنسيتَ أننا ربيناك في بيوتنا، وأنفقنا عليك في صغرك من أموالنا، ومتعناك بجاه الملك يوم أن انتسبت إلينا وليدا، واستمرت حياتك معنا مدة طويلة؟ وهل نسيت يا موسى يوم أن قتلت مصريا من قومنا وأنت من الجاحدين لنعمتي وحق تربيتي لك، وأنكرت ألوهيتي، ولم تؤمن بي كما آمن الآخرون، وأخيرا هربت من ديارنا؟ والآن تأتينا مرة أخرى بنفس جحودك وإنكارك.
وهذا الكلام من فرعون يدل على فهمه، ومعرفته، وبعده عن السفاهة، والسذاجة، غير أن إبليس أضله، وأبعده عن الحق والصواب.
رد عليه موسى, عليه السلام: لن أنكر نعمة أسديت إلي، وما كنت أقصد قتل الرجل، ولم أتصور أن إنسانا يموت من وكزة، وكان فراري خوفا من ظلمكم وجوركم؛ لأنكم لن تتصوروا خطئي، وستحكمون علي بتعمد القتل ... وقد أكرمني الله تعالى بالنبوة، وأرسلني وأخي إليك، وإلى قومك لأدعوك بدعوة الله تعالى.
ولكن لِمَ لم تترك يا فرعون قضية استعبادك للإسرائيليين جميعا، وإلحاق الأذى بهم؟ ولِمَ لا تتهم نفسك بدل أن تمن علي بما أنعمت؟ وهل كنت أحتاج يا فرعون إلى ما أسديته إلي، لو سرت في الإسرائيليين بالعدل، والصواب؟!
اسم الکتاب : دعوة الرسل عليهم السلام المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 295