اسم الکتاب : دعوة الرسل عليهم السلام المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 290
وقد تمكن فرعون بهذا التخطيط من الاستخفاف بعقول الناس، وعدم الاكتراث بهم، وذلك الحال واضح من التوجيه الذي وجَّهه لوزيره هامان في قوله الذي حكاه الله عنه في قوله تعالى: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ، أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ} [1]، وفي قوله تعالى: {فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ} [2].
إنه في هاتين الآيتين يأمر "هامان" وزيره الأول أن يتخذ من الطين آجرا؛ لبناء برج عالٍ ليصعد عليه، ويُوهم الرعية أنه بحث عن إله موسى في الأماكن العالية فلم يجده؛ لأنه لا إله للناس إلا فرعون.
ويقوم هامان ببناء البرج مع تيقنه بعدم جدواه، ويطيعه الجنود، ويعيش فرعون وسط الملأ والجنود إلها معظما معبودا. يذكر بعض المفسرين أن هامان بنى الصرح من الطين، حتى بلغ نهاية ما قدر عليه من البناء، ثم صعد فرعون وإلى جانبه هامان، ثم صوب فرعون سهما إلى السماء، ورمى به، فعاد النصل مخضبا بالدم، فلما رأى فرعون النصل وعليه دم قال: يا هامان لقد قتلت إله موسى، فضحك هامان وقال: ومع هامان تقول ذلك يا فرعون[3]!!
وبدون الملأ والجنود لا يستطيع فرعون أن يظلم الناس، ولا أن ينشر الفساد بينهم؛ ولذلك يعاقب الله مع فرعون ملأه وجنوده، يقول الله تعالى: {إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ} [4], ويقول سبحانه: [1] سورة غافر الآيات: 36, 37. [2] سورة القصص آية: 38. [3] تفسير الخازن ج5 ص174, ولعل الذي لطخ النصل بالدم طير كان في السماء، أو فتنة من الله لهم. [4] سورة القصص آية: 8.
اسم الکتاب : دعوة الرسل عليهم السلام المؤلف : غلوش، أحمد أحمد الجزء : 1 صفحة : 290